للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكوفيين، فقالوا: تقبل شهادة بعضهم على بعض، وهي إحدى الروايتين عن أحمد وأنكرها بعض أصحابه، واستثنى أحمد حالة السفر فأجاز فيها شهادة أهل الكتاب كما سيأتي بيانه أواخر الوصايا إن شاء الله تعالى، وقال الحسن وإسحاق وغيرهما: لا تقبل ملة على ملة وتقبل بعض الملة على بعضها لقوله تعالى: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة: ١٤]، وهذا أعدل الأقوال لبعده عن التهمة، واحتج الجمهور بقوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢] وبغير ذلك من الآيات والأحاديث، انتهى.

قال القسطلاني (١) في شرح الترجمة: إذ لا تقبل شهادتهم خلافًا للحنفية حيث قالوا بقبولها لأهل الذمة على بعضهم وإن اختلفت مللهم؛ لأنه عليه الصلاة والسلام رجم يهوديين زنيا بشهادة أربعة منهم، انتهى.

وبسط الكلام على المسألة في "الأوجز" (٢).

[(٣٠ - باب القرعة في المشكلات)]

وفي "الفيض" (٣): وهي عندنا لتطييب الخاطر لا غير، ولا تقوم حجة على أحد، ولم يأت فيه المصنف بما يكون من باب الحكم، وما أتى به فكله من باب الديانات، انتهى.

أي: مشروعيتها، ووجه إدخالها في "كتاب الشهادات" أنها من جملة البينات التي تثبت بها الحقوق، فكما تقطع الخصومة والنزاع بالبينة كذلك تقطع بالقرعة، ومشروعية القرعة مما اختلف فيه، والجمهور على القول بها في الجملة، وأنكرها بعض الحنفية، وحكى ابن المنذر عن أبي حنيفة القول بها، وجعل المصنف ضابطها الأمر المشكل، وفسَّرها غيره بما ثبت فيه


(١) "إرشاد الساري" (٦/ ١٥٧).
(٢) "أوجز المسالك" (١٥/ ٢٣٥ - ٢٣٦).
(٣) "فيض الباري" (٤/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>