للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثبت عند القتال، أو من جهة أنه أنكر على من قدم على القتال قولًا غير مرضي، فكشف الغيب أنه أخلف، فمفهومه ثبوت الفضل في تقديم الصدق، والعزم الصحيح على الوفاء وذلك من أسلم الأعمال، قال الحافظ: وهذا الثاني أظهر فيما أرى.

وقال الكرماني (١): المقصود من الآية في الترجمة قوله في آخرها: {صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: ٤]؛ لأن الصف في القتال من العمل الصالح قبل القتال، انتهى.

وفي "الفيض" (٢): قوله: "باب عمل صالح. . ." إلخ، لعله مأخوذ من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كما تحيون تموتون وكما تموتون تحشرون" فهذا يشعر بأنه ينبغي أن تكون خاتمة المرء على عمل خير؛ وكان السلف يستحبون أن يكون لهم عمل صالح قبل القتال، لدلالته على الإخلاص، انتهى.

[(١٤ - باب من أتاه سهم غرب. . .) إلخ]

الغرب: بفتح الغين المعجمة وسكون الراء آخره موحدة منونًا كسهم صفة له، قال أبو عبيد وغيره: أي: لا يعرف راميه أو لا يعرف من أين أتى أو جاء على غير قصد من راميه، وعن أبي زيد فيما حكاه الهروي: إن جاء من حيث لا يعرف فهو بالتنوين والإسكان، وإن عرف راميه لكن أصاب من لم يقصد فهو بالإضافة وفتح الراء، وأنكر ابن قتيبة السكون ونسبه لقول العامة وجوَّز الفتح وإضافة سهم لغرب، انتهى من "القسطلاني" (٣). .

وزاد الحافظ (٤): وقصة حارثة منزلة على الثاني، فإن الذي رماه قصد غرته فرماه وحارثة لا يشعر به، انتهى.

قلت: ولعل الإمام البخاري ترجم به لدفع ما يتوهم من أنه إذا لم يدر


(١) "الكرماني" (١٢/ ١١٠).
(٢) "فيض الباري" (٤/ ١٦٠).
(٣) "إرشاد الساري" (٦/ ٣٣٦).
(٤) "فتح الباري" (٦/ ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>