للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجميلة التي حمل عليها العباد بخلاف أهل الجاهلية ففي فعلهم ذلك إشارة إلى انقطاع أعمالهم وذهاب آثارهم، انتهى.

قلت: ومطابقة الحديث للترجمة على ما أفاده الشيخ قُدِّس سرُّه من غرض الترجمة أوفق مما قاله الشرَّاح.

[(٨٧ - باب تفرق الناس عن الإمام. . .) إلخ]

حديث الباب ظاهر فيما ترجم له، قال القرطبي (١): هذا يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان في هذا الوقت لا يحرسه أحد من الناس، بخلاف ما كان عليه في أول الأمر فإنه كان يحرس حتى نزل قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧].

قال الحافظ: لكن قد قيل: إن هذه القصة سبب نزول قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧] كما في رواية ابن أبي شيبة، فيحتمل إن كان محفوظًا أن يقال: كان مخيرًا في اتخاذ الحرس فتركه مرة لقوة يقينه، فلما وقعت هذه القصة ونزلت هذه الآية ترك ذلك، انتهى من "الفتح" (٢).

قلت: لم يتعرض الحافظ ولا غيره لغرض الترجمة، والأوجه عندي: أنه أشار بهذه الترجمة إلى الجواز لدفع ما يتوهم من رواية أبي داود "إن تفرقكم في الشعاب والأودية من الشيطان" فقد أخرج الإمام أبو داود (٣) في "باب ما يؤمر من انضمام العسكر" عن أبي ثعلبة الخُشَني قال: كان الناس إذا نزلوا منزلًا - قال عمرو: كان الناس إذا نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منزلًا - تفرقوا في الشعاب والأودية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان" فلم ينزل بعد ذلك منزلًا إلا انضم بعضهم إلى بعض حتى يقال: لو بسط عليهم ثوب لعمهم، فحينئذ وقع


(١) "المفهم" (٢/ ٤٧٦).
(٢) "فتح الباري" (٦/ ٩٨).
(٣) "سنن أبي داود" (ح: ٢٦٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>