للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٥٦ - باب لا تمنَّوا لقاء العدو)

قال ابن بطال (١): حكمة النهي أن المرء لا يعلم ما يؤول إليه الأمر، وهو نظير سؤال العافية من الفتن، وقد قال الصديق - رضي الله عنه -: "لأن أُعافى فأشْكُر أحبّ إليّ من أن أُبتلى فاصبِر". وقال غيره: إنما نهي عنه لما فيه من صورة الإعجاب والاتكال على النفوس والوثوق بالقوة وقلة الاهتمام بالعدو، وكل ذلك يباين الاحتياط والأخذ بالحزم، إلى آخر ما بسط في الحكم، انتهى من "الفتح" (٢).

قلت: وقد تقدم ما بظاهره ينافي هذا الباب، وهو "باب الدعاء بالجهاد والشهادة. . ." إلخ. ويمكن الجمع بينهما بأن النهي على سبيل الإعجاب مثلًا، والدعاء يحمل على بذل الجهد في إعلاء كلمة الله، فافهم.

[(١٥٧ - باب الحرب خدعة)]

بفتح الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة كما في الفرع وأصله وهي الأفصح، وجزم بها أبو ذر الهروي والقزاز. وقال ثعلب: بلغنا أنها لغة النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقيل: بضم الخاء مع سكون الدال، وجوز بضم أوله وفتح ثانيه كهُمَزَة ولُمَزَة وهي صيغة مبالغة. وحكى المنذري بفتح الأول والثاني جمع خادع. وحكى مكي وغيره خِدعة بكسر أوله وسكون ثانيه، فهي خمسة. ومعنى الإسكان أنها تخدع أهلها، من وصف الفاعل باسم المصدر، أو وصف للمفعول، كهذا الدرهم ضرب الأمير؛ أي: مضروبه. وعن الخطابي أنها المرة الواحدة؛ يعني: أنه إذا خدع مرة لم تقل عثرته، ومعنى الضم مع السكون أنها تخدع الرجال؛ أي: هي محل الخداع وموضعه، ومع فتح الدال؛ أي: تخدع الرجال تمنيهم الظفر ولا تفي لهم كالضحكة إذا كان يضحك بالناس، وقيل: الحكمة في الإتيان بالتاء الدلالة على الواحدة، فإن


(١) (٥/ ١٨٥).
(٢) "فتح الباري" (٦/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>