للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخداع إن كان من المسلمين فكأنه حضهم على ذلك ولو مرة واحدة، وإن كان من الكفار فكأنه حذرهم من مكرهم، ولو وقع مرة واحدة فلا ينبغي التهاون بهم لما ينشأ عنه من المفسدة ولو قلّ، انتهى كله من "القسطلاني" (١).

قال الحافظ (٢): وقال النووي (٣): واتفقوا على جواز خداع الكفار في الحرب كيف ما أمكن إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يجوز. قال ابن المنير: معنى الحديث: الحرب الجيدة لصاحبها الكاملة في مقصودها إنما هي المخادعة لا المواجهة، وذلك لخطر المواجهة، وحصول الظفر مع المخادعة بغير خطر.

قال الحافظ: ذكر الواقدي: أول ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الحرب خدعة" في غزوة الخندق، انتهى.

[(١٥٨ - باب الكذب في الحرب)]

ذكر فيه حديث جابر في قصة قتل كعب بن الأشرف. قال ابن المنير: الترجمة غير مطابقة؛ لأن الذي وقع منهم في قتل كعب يمكن أن يكون تعريضًا؛ لأن قولهم: "عنّانا"؛ أي: كلفنا بالأوامر والنواهي، وقولهم: "سألنا الصدقة"؛ أي: طلبها منا ليضعها مواضعها، انتهى.

قال الحافظ: والذي يظهر أنه لم يقع منهم في ما قالوا بشيء من الكذب أصلًا، وجميع ما صدر منهم تلويح كما سبق، لكن ترجم بذلك لقول محمد بن مسلمة للنبي - صلى الله عليه وسلم - أولًا: "ائذن لي أن أقول، قال: قل" فإنه يدخل فيه الإذن في الكذب تصريحًا وتلويحًا، وهذه الزيادة وإن لم تذكر في سياق حديث الباب فهي ثابتة فيه كما في الباب الذي بعده، على أنه لو لم يرد ذلك لما كانت الترجمة منافرة للحديث؛ لأن معناها حينئذ باب الكذب


(١) "إرشاد الساري" (٦/ ٥٥٨).
(٢) "فتح الباري" (٦/ ١٥٨).
(٣) "المنهاج" (١٢/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>