للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٨٨ - باب من تكلم بالفارسية والرطانة)]

بفتح الراء ويجوز كسرها وهي التكلم بلسان العجم.

(وقوله تعالى) بالجر عطفًا على السابق: {وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ}؛ أي: من آيات الله اختلاف لغاتكم أو أجناس نطقكم وأشكاله، خالف جل وعلا بين هذه الأشياء حتى لا تكاد تسمع منطقين متفقين في همس واحد، ولا جهارة، ولا حدّة، ولا رخاوة، ولا فصاحة، ولا لكنة، ولا نظم، ولا أسلوب، ولا غير ذلك من صفات النطق وأحواله، {وَأَلْوَانِكُمْ} بياض الجلد وسواده، أو تخطيطات الأعضاء وهيئاتها وألوانها، ولاختلاف ذلك وقع التعارف، وإلا فلو اتفقت وتشاكلت وكانت ضربًا واحدًا لوقع التجاهل والالتباس، ولتعطلت مصالح كثيرة، انتهى من "القسطلاني" (١).

قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: ٤] قال الحافظ (٢): كأنه أشار إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعرف الألسنة؛ لأنه أرسل إلى الأمم كلها على اختلاف ألسنتهم، فجميع الأمم قومه بالنسبة إلى عموم رسالته فاقتضى أن يعرف ألسنتهم ليفهم عنهم ويفهموا عنه، ويحتمل أن يقال: لا يستلزم ذلك نطقه بجميع الألسنة لإمكان الترجمان الموثوق به عندهم، انتهى.

وأما الغرض من الترجمة فقال الحافظ: قالوا: فقه هذا الباب يظهر في تأمين المسلمين لأهل الحرب بألسنتهم، وسيأتي مزيد لذلك في أواخر الجزية في "باب إذا قالوا: صبأنا ولم يقولوا أسلمنا". وقال في موضع آخر: أشار المصنف إلى ضعف ما ورد من الأحاديث الواردة في كراهة الكلام بالفارسية كحديث: "كلام أهل النار بالفارسية"، وكحديث: "من تكلم بالفارسية زادت في خبثه ونقصت من مروءته" أخرجه الحاكم في "مستدركه" وسنده واه، وأخرج فيه أيضًا عن عمر رفعه: "من أحسن العربية


(١) "إرشاد الساري" (٦/ ٦٠٧، ٦٠٨).
(٢) "فتح الباري" (٦/ ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>