للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبأن هذه الزيادة لم تثبت في أكثر النسخ كما قال الحافظ وغيره، وكذا هو ليس بموجود في النسخ الهندية التي بأيدينا، وثانيًا بأن يقال: إن الإمام البخاري أشار بهذا القول إلى ما هو المعروف على الألسنة حتى حكى بعضهم الإجماع عليه، وليس هذا مصير منه إلى اختيار هذا القول، فتأمل.

(٥ - باب ذكر إدريس وقول الله - عز وجل -: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: ٥٧])

قال الحافظ (١): سقط لفظ "باب" من رواية أبي ذر، وزاد في رواية الحفصي: "وهو جد أبي نوح، وقيل: جد نوح"، واختلف في لفظ إدريس، فقيل: هو عربي، واشتقاقه من الدراسة، وقيل له ذلك لكثرة درسه الصحف، وقيل: بل هو سرياني، انتهى.

وقال القسطلاني (٢): وكان أول نبي أعطي النبوَّة بعد آدم وشيث، وأول من خط بالقلم، وأدرك من حياة آدم ثلاثمائة سنة وثمان سنين، وقال ابن كثير: وقد قالت طائفة: إنه المشار إليه في حديث معاوية بن الحكم السلمي لما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الخط بالرمل فقال: "إنه كان نبي يخط بالرمل" الحديث، وزعم كثير من المفسرين أنه أول من تكلم في ذلك، ويسمونه هرمس الهرامسة، ويكذبون عليه في أشياء كثيرة كما كذبوا على غيره من الأنبياء، انتهى.

قوله: " {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} " ثم ساق حديث الإسراء، وكأنه أشار بالترجمة إلى ما وقع فيه أنه وجده في السماء الرابعة، وهو مكان علي بغير شك، واستشكل بعضهم ذلك بأن غيره من الأنبياء أرفع مكانًا منه، ثم أجاب بأن المراد أنه لم يرفع إلى السماء من هو حي غيره، وفيه نظر؛ لأن


(١) "فتح الباري" (٦/ ٣٧٣ - ٣٧٤).
(٢) "إرشاد الساري" (٧/ ٣٨٦ - ٣٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>