للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصافات وغيرها، وحاصلها أنهم ابتدعوا وطء الذكور، فدعاهم لوط - عليه السلام - إلى التوحيد وإلى الإقلاع عن الفاحشة، فأصروا على الامتناع، ولم يتفق أن يساعده منهم أحد، وكانت مدائنهم تسمى سدوم، وهي بغور زغر من البلاد الشامية، فلما أراد الله إهلاكهم بعث جبريل وميكائيل وإسرافيل إلى إبراهيم، فاستضافوه، فكان ما قص الله في سورة هود، ثم توجهوا إلى لوط فاستضافوه فخاف عليهم من قومه، وأراد أن يخفي عليهم خبرهم، فنمّت عليهم امرأته، فجاؤوا إليه وعاتبوه على كتمانه أمرهم، وظنوا أنهم ظفروا بهم، فأهلكهم الله على يد جبريل، فقلّب مدائنهم بعد أن خرج عنهم لوط بأهل بيته إلا امرأته فإنها تأخرت مع قومها، أو خرجت مع لوط فأدركها العذاب، فقلب جبريل المدائن بطرف جناحه، فصار عاليها سافلها، وصار مكانها بحيرة منتنة لا ينتفع بمائها ولا بشيء مما حولها، انتهى (١).

(١٦ - باب قوله: {فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (٦١) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} [الحجر: ٦١، ٦٢]. . .) إلخ

قال الحافظ (٢): قوله: "بركنه بمن معه. . ." إلخ، هو تفسير الفراء، وقال أبو عبيدة (٣): فتولى بركنه وبجانبه سواء، إنما يعني: ناحيته، وقال في قوله: {أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} أي: عشيرة عزيزة منيعة، كذا أورد المصنف هذه الجملة في قصة لوط، وهو وهم، فإنها من قصة موسى في قوله تعالى: {وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٣٨) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ} [الذاريات: ٣٨، ٣٩] والسبب في ذلك أن ذلك وقع تلو قصة لوط حيث قال تعالى في آخر قصة لوط: {وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [الذاريات: ٣٧]، ثم قال عقب ذلك: {وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٣٨) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ} [الذاريات: ٣٨، ٣٩]، أو ذكره


(١) انظر: "فتح الباري" (٦/ ٤١٥).
(٢) "فتح الباري" (٦/ ٤١٦).
(٣) "مجاز القرآن" (٢/ ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>