للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة قال: سفن هذا البحر تجري بالريح فإذا أمسكت عنها الريح ركدت، وقوله: "يتحركن" أي: يضربن بالأمواج، ولا يجرين في البحر بسكون الريح، وبهذا التقرير يندفع اعتراض من زعم أن "لا" سقطت في قوله: "يتحركن" قال: لأنهم فسروا "رواكد" بسواكن، وتفسير "رواكد" بسواكن قول أبي عبيدة، ولكن السكون والحركة في هذا أمر نسبي، انتهى من "الفتح" (١).

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢): قوله: "يتحركن" إنما فسره، بذلك لئلا يستبعد الركود على ظهر الماء بحيث يستقر ولا يتحرك أصلًا، فإنه وإن كان ممكنًا إلا أنه مستبعد عادة، فلا حاجة إليه، إذ لا يتوقف معنى الآية عليه، فإن المراد عدم الجري لا عدم الحركة أصلًا، فافهم فإنه مفيد، انتهى.

وذكر في هامشه ما تقدم من كلام الحافظ وغيره، وفيه أيضًا: قلت: وما أشار إليه الحافظ بقوله: يندفع اعتراض من زعم، بيَّنه القسطلاني بقوله: وقول صاحب "المصابيح" كأنه سقط منه "لا" إلخ.

(١ - باب قوله: {إلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: ٢٣])

ذكر فيه حديث طاوس عن ابن عباس: "سئل عن تفسيرها" إلخ، وهذا الذي جزم به سعيد بن جبير قد جاء عنه من روايته عن ابن عباس مرفوعًا، فأخرج الطبري وابن أبي حاتم من طريق قيس بن الربيع عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما نزلت قالوا: يا رسول الله! من قرابتك الذي وجبت علينا مودتهم؟ الحديث، وإسناده ضعيف وهو ساقط لمخالفته هذا الحديث الصحيح، والمعنى: إلا أن تودوني لقرابتي فتحفظوني، والخطاب لقريش خاصة، والقربى قرابة العصوبة والرحم، فكأنه


(١) "فتح الباري" (٨/ ٥٦٣).
(٢) "لامع الدراري" (٩/ ١٥٩، ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>