للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السمين: وهذا الذي قاله مخالف لظاهر الآية فإن اللام داخلة على المغفرة فتكون المغفرة علة للفتح والفتح معلل بها فكان ينبغي أن يقول: كيف جعل فتح مكة معللًا بالمغفرة ثم يقول: لم يجعل معللًا، وقال ابن عطية: أي أن الله فتح لك لكي يجعل الفتح علامة لغفرانه لك فكأنها لام الصيرورة فهو كلام ماش على الظاهر، انتهى.

(فائدة): قال الحافظ (١) تحت قوله: "فلما كثر لحمه": أنكره الداودي وقال: المحفوظ "فلما بدن" أي: كبر، فكأن الراوي تأوّله على كثرة اللحم، انتهى.

وتعقبه أيضًا ابن الجوزي فقال: لم يصفه أحد بالسمن أصلًا، ولقد مات - صلى الله عليه وسلم - وما شبع من خبز الشعير في يوم مرتين، وأحسب بعض الرواة لما رأى "بدن" ظنه كثر لحمه وليس كذلك وإنما هو بدن تبدينًا، أي: أسن، قاله أبو عبيد، قلت: وهو خلاف الظاهر، وفي استدلاله بأنه لم يشبع من خبز الشعير نظر؛ فإنه يكون من جملة المعجزات كما في كثرة الجماع وطوافه في الليلة الواحدة على تسع وإحدى عشرة مع عدم الشبع وضيق العيش، وأي فرق بين تكثير المني مع الجوع وبين وجود كثرة اللحم في البدن مع قلة الأكل، وقد أخرج مسلم من طريق عبد الله بن عروة عن عائشة قالت: لما بدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثقل كان أكثر صلاته جالسًا، لكن يمكن تأويل قوله: ثقل، أي: ثقل عليه حمل لحمه وإن كان قليلًا لدخوله في السن، انتهى.

(٣ - باب قوله: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الفتح: ٨])

قال القسطلاني (٢): سقط لفظ "باب" لغير أبي ذر، وقال أيضًا بعد ذكر حديث الباب: هذا الحديث سبق في أوائل البيع، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٨/ ٥٨٤، ٥٨٥).
(٢) "إرشاد الساري" (١١/ ٨٣، ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>