للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢ - باب نزل القرآن بلسان قريش)]

أي: بلغة معظمهم، "والعرب" من عطف العام على الخاص، {قُرْآنًا} [الزخرف: ٣]، ولأبي ذر: "وقول الله تعالى: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} ".

({بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}) [الشعراء: ١٩٥] قال القاضي أبو بكر الباقلاني: لم تقم دلالة قاطعة على نزول القرآن جميعه بلسان قريش، بل ظاهر قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: ٣] أنه نزل بجميع ألسنة العرب لأن اسم العرب يتناول الجميع تناولًا واحدًا، وقال أبو شامة: أي ابتداء نزوله بلغة قريش، ثم أبيح أن يقرأ بلغة غيرهم، انتهى من "القسطلاني" (١).

قال الحافظ (٢): أما نزوله بلغة قريش فمذكور في الباب من قول عثمان، وقد أخرج أبو داود من طريق كعب الأنصاري: "أن عمر كتب إلى ابن مسعود: أن القرآن نزل بلسان قريش، فأقرئ الناس بلغة قريش لا بلغة هذيل"، وأما عطف العرب عليه فمن عطف العام على الخاص: لأن قريشًا من العرب، وأما ما ذكره من الآيتين فهو حجة لذلك، وقد أخرج ابن أبي داود في "المصاحف" من طريق أخرى عن عمر قال: "إذا اختلفتم في اللغة فاكتبوها بلسان مضر"، انتهى.

ومضر هو ابن نزار بن معد بن عدنان، وإليه تنتهي أنساب قريش وقيس وهذيل وغيرهم.

وقال الحافظ أيضًا بعد نقل قول أبي شامة المذكور سابقًا: وتكملته أن يقال: إنه نزل أولًا بلسان قريش أحد الأحرف السبعة، ثم نزل بالأحرف السبعة المأذون في قرأتها تسهيلًا، كما سيأتي بيانه، فلما جمع عثمان الناس على حرف واحد رأى أن الحرف الذي نزل القرآن أولًا بلسانه أولى الأحرف، فحمل الناس عليه لكونه لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - ولما له من الأولية المذكورة، وعليه يحمل كلام عمر لابن مسعود أيضًا.


(١) "إرشاد الساري" (١١/ ٢٩٥، ٢٩٦).
(٢) "فتح الباري" (٩/ ٩، ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>