للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن الحنفية "ما ترك إلا ما بين الدفتين": ولا يرد على هذا حديث علي السابق في العلم: "ما عندنا إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة"؛ لأنه أراد الأحكام التي كتبها عنه - صلى الله عليه وسلم - ولم ينف أن عنده أشياء أخر من الأحكام لم يكن كتمها، ونفي ابن عباس وابن الحنفية وارد على ما يتعلق بالنص في القرآن من إمامة علي، واستدل المؤلف - رحمه الله - على بطلان مذهب الرافضة بمحمد ابن الحنفية أحد أئمتهم في دعواهم وهو ابن علي، وابن عباس ابن عمه وأشد الناس له لزومًا، فلو كان شيء مما ادعوه لكانا أحق الناس بالاطلاع عليه ولما وسعهما كتمانه، فللَّه در المؤلف ما أدق نظره وألطف إشارته - رحمه الله - وإيانا، انتهى.

وقال الحافظ (١) في شرح ترجمة الباب: قوله: "إلا ما بين الدفتين" أي: ما في المصحف وليس المراد أنه ترك القرآن مجموعًا بين الدفتين؛ لأن ذلك يخالف ما تقدم من جمع أبي بكر ثم عثمان، وهذه الترجمة ردّ على من زعم أن كثيرًا من القرآن ذهب لذهاب حملته، وهو شيء اختلقه الروافض لتصحيح دعواهم أن التنصيص على إمامة علي واستحقاقه الخلافة عند موت النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ثابتًا في القرآن، وأن الصحابة كتموه، وهي دعوى باطلة؛ لأنهم لم يكتموا مثل: "أنت عندي بمنزلة هارون من موسى" وغيرها من الظواهر التي قد يتمسك بها من يدعي إمامته، كما لم يكتموا ما يعارض ذلك، أو يخصص عمومه، أو يقيد مطلقه، وقد تلطف المصنف في الاستدلال على الرافضة بما أخرجه عن أحد أئمتهم، فذكر نحو ما تقدم عن القسطلاني.

[(١٧ - باب فضل القرآن على سائر الكلام)]

غرض المصنف عندي تقوية حديث الترمذي: "فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على سائر خلقه" ومن دأبه أنه قد يترجم لتأييد بعض


(١) "فتح الباري" (٩/ ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>