للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث أطلق عليها مجازًا، قال الإسماعيلي: ترجمة الباب اغتباط صاحب القرآن وهذا فعل صاحب القرآن فهو الذي يغتبط، وإذا كان يغتبط بفعل نفسه كان معناه أنه يسر ويرتاح بعمل نفسه، وهذا ليس مطابقًا.

قلت: ويمكن الجواب بأن مراد البخاري بأن الحديث لما كان دالًا على أن غير صاحب القرآن يغتبط صاحب القرآن بما أعطيه من العمل بالقرآن فاغتباط صاحب القرآن بعمل نفسه أولى إذا سمع هذه البشارة الواردة في حديث الصادق، انتهى (١).

ويمكن عندي أن يقال: إن الاغتباط المذكور في الترجمة مصدر مضاف إلى مفعوله، أي: الاغتباط على صاحب القرآن، فحينئذ مطابقة الحديث بالترجمة ظاهرة، ثم إن الترجمة شارحة في أن المراد بالحسد في الحديث هو الغبطة، ولذا قال القسطلاني (٢): قوله: "باب اغتباط" أي: تمنى مثل ما له من نعمة القرآن من غير أن تتحول عنه.

[(٢١ - باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه)]

قال الحافظ (٣): كذا ترجم بلفظ المتن وكأنه أشار إلى ترجيح الرواية بالواو، وقال أيضًا في شرح حديث الباب: قوله: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" كذا للأكثر، وللسرخسي "أو علمه" وهي للتنويع لا للشك، وكذا الأحمد عن غندر عن شعبة، وزاد في أوله: "إن"، وأكثر الرواة عن شعبة يقولونه بالواو، وكذا أخرجه الترمذي من حديث علي وهي أظهر من حيث المعنى؛ لأن التي بأو تقتضي إثبات الخيرية المذكورة لمن فعل أحد الأمرين، فيلزم أن من تعلم القرآن ولو لم يعلمه غيره أن يكون خيرًا ممن عمل بما فيه مثلًا وإن لم يتعلمه، ولا يقال يلزم على رواية الواو أيضًا أن من تعلمه وعلّمه غيره أن يكون أفضل ممن عمل بما فيه من غير أن يتعلمه


(١) انظر: "فتح الباري" (٩/ ٧٣).
(٢) "إرشاد الساري" (١١/ ٣٤٥).
(٣) "فتح الباري" (٩/ ٧٤ - ٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>