للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إقراءه إياي هو الذي حملني على أن قعدت هذا المقعد الجليل، انتهى.

والذي في معظم النسخ "وأقرأ" بحذف المفعول وهو الصواب، وكأن الكرماني ظن أن قائل: وذاك الذي أقعدني، هو سعد بن عبيدة وليس كذلك بل قائله أبو عبد الرحمن إلى آخر ما بسط.

[(٢٢ - باب القراءة عن ظهر القلب)]

ذكر فيه حديث سهل في الواهبة مطولًا، وهو ظاهر فيما ترجم له لقوله: فيه: "أتقرأهن عن ظهر قلبك؟ قال: نعم" فدل على فضل القراءة عن ظهر القلب لأنها أمكن في التوصل إلى التعليم، وقال ابن كثير: إن كان البخاري أراد بهذا الحديث الدلالة على أن تلاوة القرآن عن ظهر قلب أفضل من تلاوته نظرًا من المصحف، ففيه نظر؛ لأنها قضية عين فيحتمل أن يكون الرجل كان لا يحسن الكتابة وعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، فلا يدل ذلك على أن التلاوة عن ظهر قلب أفضل في حق من يحسن ومن لا يحسن، وأيضًا فإن سياق هذا الحديث إنما هو لاستثبات أنه يحفظ تلك السور عن ظهر قلب ليتمكن من تعليمه لزوجته، وليس المراد أن هذا أفضل من التلاوة نظرًا ولا عدمه.

قلت: ولا يرد على البخاري شيء مما ذكر؛ لأن المراد بقوله: "باب القراءة عن ظهر قلب" مشروعيتها أو استحبابها، والحديث مطابق لما ترجم به، ولم يتعرض لكونها أفضل من القراءة نظرًا، وقد صرَّح كثير من العلماء بأن القراءة من المصحف نظرًا أفضل من القراءة عن ظهر قلب، ثم ذكر الحافظ بعض الروايات الدالة على أفضلية قراءة القرآن نظرًا، ثم قال: لكن القراءة عن ظهر قلب أبعد من الرياء وأمكن للخشوع، والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص (١)، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٩/ ٧٨، ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>