للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٦٧ - كتاب النكاح]

تقدم مناسبة هذا الكتاب بما قبله في "مقدمة اللامع" (١) من كلام الحافظ قُدِّس سرُّه، وكذا من هذا العبد الضعيف من أن النكاح يحصل به النسل والذرية التي يقوم منها جيل بعد جيل يحفظون أحوال التنزيل، انتهى.

قال الحافظ (٢): النكاح في اللغة الضم والتداخل، وتجوَّز من قال: إنه الضم، وقال الفراء: النكح بضم ثم سكون اسم الفرج، ويجوز كسر أوله، وكثر استعماله في الوطء وسمي به العقد لكونه سببه، وقال أبو القاسم الزجاجي: هو حقيقة فيهما، وقال الفارسي: إذا قالوا: نكح فلانة أو بنت فلان فالمراد العقد، وإذا قالوا: نكح زوجته فالمراد الوطء، ويكون في المحسوسات وفي المعاني، قالوا: نكح المطر الأرض ونكح النعاس عينه، وفي الشرع حقيقة في العقد مجاز في الوطء على الصحيح، والحجة في ذلك كثرة وروده في الكتاب والسُّنَّة للعقد حتى قيل: إنه لم يرد في القرآن إلا للعقد، ولا يرد مثل قوله: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] لأن شرط الوطء في التحليل إنما ثبت بالسُّنَّة وإلا فالعقد لا بد منه؛ لأن قوله: {حَتَّى تَنْكِحَ} معناه حتى تتزوج، أي: يعقد عليها، ومفهومه أن ذلك كاف بمجرده لكن بيَّنت السُّنَّة أن لا عبرة بمفهوم الغاية بل لا بد بعد العقد من ذوق العسيلة، كما أنه لا بد بعد ذلك من التطليق ثم العدة، نعم أفاد أبو الحسين بن فارس أن النكاح لم يرد في القرآن إلا للتزويج إلا في قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: ٦] فإن المراد به الحلم، والله أعلم.

وفي وجه للشافعية كقول الحنفية أنه حقيقة في الوطء مجاز في العقد،


(١) "مقدمة لامع الدراري" (١/ ٢٧٩).
(٢) "فتح الباري" (٩/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>