للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشافعي، وعن مالك: إن أدخل بسحره ضررًا على مسلم لم يعاهد عليه نقض العهد بذلك فيحلّ قتله، وإنما لم يقتل النبي - صلى الله عليه وسلم - لبيد بن الأعصم؛ لأنه كان لا ينتقم لنفسه، قال: وعند مالك أن حكم الساحر حكم الزنديق، فلا تقبل توبته ويقتل حدًّا إذا ثبت عليه ذلك، وبه قال أحمد، وقال الشافعي: لا يقتل إلا إن اعترف أنه قتل بسحره فيقتل به، وادّعى أبو بكر الرازي في "الأحكام" أن الشافعي تفرد بقوله: إن الساحر يقتل قصاصًا إذا اعترف أنه قتله بسحره، والله تعالى أعلم، انتهى.

[(٥١ - باب من البيان سحر)]

وفي نسخة الحافظ: "إن من البيان سحرًا" وقال: في رواية الكشميهني والأصيلي: "السحر".

قوله: (قدم رجلان) قال الحافظ (١): لم أقف على تسميتهما صريحًا، فقد زعم جماعة أنهما الزبرقان وعمرو بن الأهتم التميميان، قدما في وفد بني تميم على النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة تسع من الهجرة، ثم ذكر قصة قدومهم من رواية البيهقي في "الدلائل"، ثم قال تحت حديث الباب: وقد حمل بعضهم الحديث على المدح والحثّ على تحسين الكلام وتحبير الألفاظ، وهذا واضح إن صح أن الحديث ورد في قصة عمرو بن الأهتم، وحمله بعضهم على الذمّ لمن تصنّع في الكلام وتكلّف لتحسينه وصرف الشيء عن ظاهره، فشبّه بالسحر الذي هو تخييل لغير حقيقة، وإلى هذا أشار مالك حيث أدخل هذا الحديث في "الموطأ" في "باب ما يكره من الكلام بغير ذكر الله"، إلى آخر ما ذكر.

قلت: وأما عند المصنف فيمكن أن يقال: إنه مال إلى حمله على الذمّ كما يظهر من صنيعه، فإن المذكور في سياق التراجم ههنا هو السحر المذموم كما هو ظاهر، فالتشبيه حينئذٍ يشعر بالذم لا محالة، والله أعلم.


(١) "فتح الباري" (١٠/ ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>