للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢٩ - باب الجنة أقرب إلى أحدكم. . .) إلخ]

قال الحافظ (١): قال ابن بطال (٢): فيه أن الطاعة موصلة إلى الجنة وأن المعصية مقربة إلى النار، وأن الطاعة والمعصية قد تكون في أيسر الأشياء، وتقدم في هذا المعنى قريبًا حديث: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة" الحديث، فينبغي للمرء أن لا يزهد في قليل من الخير أن يأتيه، ولا في قليل من الشر أن يجتنبه، فإنه لا يعلم الحسنة التي يرحمه الله بها ولا السيئة التي يسخط عليه بها، وقال ابن الجوزي (٣): معنى الحديث أن تحصيل الجنة سهل بتصحيح القصد وفعل الطاعة، والنار كذلك بموافقة الهوى وفعل المعصية، انتهى.

قال السندي (٤): قوله: "الجنة أقرب إلى أحدكم. . ." إلخ؛ لأن حصول كل منهما يكون منوطًا بكلمة لا يبالي بها المتكلم، وأي شيء أقرب إلى الإنسان مما شأنه ذلك، والله تعالى أعلم، انتهى.

ذكر المصنف فيه حديثين، ومناسبة الأول بالترجمة ظاهرة، وأما الثاني فخفية، قال القسطلاني (٥): ومطابقته للترجمة من حيث إن كل شيء ما خلا الله في الدنيا الذي لا يؤول إلى طاعة الله تعالى ولا يقرب منه إذا كان باطلًا يكون الاشتغال به مبعدًا من الجنة مع كونها أقرب إليه من شراك نعله، قاله العيني.

وقال: إنه من الفيض الإلهي الذي وقع في خاطره، وقال في "فتح الباري": مناسبته للترجمة خفية، وكأن الترجمة لما تضمنت ما في الحديث الأول من التحريض على الطاعة ولو قلّت، والزجر عن المعصية ولو قلّت،


(١) "فتح الباري" (١١/ ٣٢١).
(٢) "شرح ابن بطال" (١٠/ ١٩٨).
(٣) "كشف المشكل" (١/ ٣١٢).
(٤) "صحيح البخاري بحاشية السندي" (٤/ ١٢٧).
(٥) "إرشاد الساري" (١٣/ ٥٦٨)، "عمدة القاري" (١٥/ ٥٦١)، "فتح الباري" (١١/ ٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>