للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس عن المال، إما لاشتغال كل منهم بنفسه عند طروق الفتنة فلا يلوي على الأهل فضلًا عن المال، وذلك في زمن الدجال، وإما بحصول الأمن المفرط والعدل البالغ بحيث يستغني كل أحد بما عنده عما في يد غيره، وذلك في زمن المهدي وعيسى ابن مريم، وإما عند خروج النار التي تسوقهم إلى المحشر، فيعز حينئذ الظهر وتباع الحديقة بالبعير الواحد، ولا يلتفت أحد حينئذ إلى ما يثقله من المال، بل يقصد نجاة نفسه ومن يقدر عليه من ولده وأهله، وهذا أظهر الاحتمالات، وهو المناسب لصنيع البخاري، والعلم عند الله، ثم بسط الحافظ (١) الكلام على ثاني حديثي الباب.

(٢٦ - باب ذكر الدجّال)

قال القسطلاني (٢): بتشديد الجيم فعال من أبنية المبالغة، أي: يكثر منه الكذب والتلبيس، وهو الذي يظهر في آخر الزمان يدعي الإلهية، ابتلى الله به عباده، وأقدره على أشياء من مخلوقاته كإحياء الميت الذي يقتله، وإمطار السماء وإنبات الأرض بأمره، ثم يعجزه الله بعد ذلك، فلا يقدر على شيء، ثم يقتله عيسى - عليه السلام -، وفتنته عظيمة جدًا تدهش العقول وتحير الألباب، انتهى.

قال الحافظ (٣): قال القرطبي في "التذكرة": اختلف في تسميته دجالًا على عشرة أقوال، ومما يحتاج إليه في أمر الدجال أصله، وهل هو ابن صياد وغيره؟ وعلى الثاني فهل هو كان موجودًا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو لا؟ ومتى يخرج؟ وما سبب خروجه؟ ومن أين يخرج؟ وما صفته؟ وما الذي يدعيه؟ وما الذي يظهر عند خروجه من الخوارق حتى تكثر أتباعه؟ ومتى يهلك؟ ومن يقتله؟


(١) "فتح الباري" (١٣/ ٨٢).
(٢) "إرشاد الساري" (١٥/ ٨٣، ٨٤).
(٣) "فتح الباري" (١٣/ ٩١، ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>