للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن التوفيق بينهما بأنه - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن ذلك أولًا فيجاب إلى ذلك ثانيًا، فوقع في إحدى الروايتين ذكر السؤال، وفي البقية ذكر الإجابة، انتهى.

قلت: وعلى هذا فلا يرد ما حكى الحافظ عن ابن التِّين أن فيه كلام الأنبياء مع الرب ليس كلام الرب مع الأنبياء، انتهى.

قوله: (من قال: لا إله إلا الله) كتب الشيخ في "اللامع" (١): فيه دلالة على أن هذا الرجل لم يكن في قلبه شيء من الخير، إذ لو كان له من الخير شيء في أي مرتبة كان لخرج فيمن أخرجوا من قبل، وإنما كان منه مجرد التكلم بهذه الكلمة الشريفة، ومن ههنا يعلم غاية فضل الله وكرمه بعباده والله غفور رحيم، انتهى.

وبسط في هامشه الكلام على مصداق هذا الرجل من كلام الشرَّاح وغيرهم أشد البسط، وفيه من "تقرير اللاهوري": المراد به من آمن بلسانه، ويتهلل، وليس في قلبه إنكار، لكن وليس في قلبه فهم التوحيد أو غيره أو الصلاة أو غيرها، كأناسي "ملك رجوارا في الهند"، وهذا المعنى ليس برأي بل يفهم من رواية ابن ماجه، انتهى.

(٣٧ - باب قوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤])

غرضه ظاهر، وهو إثبات الكلام لله تعالى، وهو الباب السابع والثلاثون من أبواب الرد على الجهمية.

قال الحافظ (٢): قال الأئمة: هذه الآية أقوى ما ورد في الردّ على المعتزلة، قال النحاس: أجمع النحويون على أن الفعل إذا أكّد بالمصدر لم يكن مجازًا، فإذا قال: "تكليمًا" وجب أن يكون كلامًا على الحقيقة التي تعقل، وأجمع السلف والخلف من أهل السُّنَّة وغيرهم على أن "كلم" ههنا


(١) "لامع الدراري" (١٠/ ٣٦٠).
(٢) "فتح الباري" (١٣/ ٤٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>