للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقام لإفادة جواز الجماعة في النوافل على خلاف مذهب الحنفية، وذلك لأن صلاة التراويح لم تكن في ذلك الوقت من المؤكدات بل كانت كسائر النوافل والسنن، فلما جوَّز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجماعة فيها علم منه تجويزها في كل نفل وإن كان الأفضل أداءها في البيوت منفردًا تحرزًا عن شبهة الرياء، انتهى.

والأوجه عندي: أن الإمام البخاري لما أثبت في الباب السابق صحة الائتمام بحيلولة الجدار ونحوه أثبت بهذا الباب مرامه بوجه آخر، وهو الاقتداء في الليل، فإنه يدل على صحة الاقتداء في الظلمة مع أنه لا يرى فيه المؤتم الإمام، فثبت بذلك مرامه الأول بالالتزام، ولذا أفرد له بابًا لثبوته بالالتزام دون النص، وهذا هو الذي قاله ابن رُشيد وغيره، وليت شعري كيف جعله الحافظ بعيدًا مع أنه جدير بل أجدر بشأن البخاري لدقته في الاستنباط، وعلى هذا لا يرد على المصنف إيراد الترجمة على غير ملحها، انتهى من هامش "اللامع"، وبسط فيه الأبحاث الفقهية المناسبة بالمقام.

[(٨٢ - باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة)]

كتب الشيخ في "اللامع" (١): أراد بالتكبير تكبيرة الافتتاح، فيكون الافتتاح لازمًا لها، وصار المعنى باب بيان افتتاح الصلاة بما هو، انتهى.

وفي هامشه: ههنا عدة أبحاث، الأول: في صحة كلام الإمام البخاري في الترجمة فإن ظاهر سياقه أنه ترجم بترجمتين: الإيجاب والافتتاح، وظاهر مقصده أنه أراد بيان وجوب تكبيرة الافتتاح، فأوَّلوا كلامه بوجوه: منها ما أفاده الشيخ وهو واضح أن المراد بالتكبير تكبيرة الافتتاح، وقوله: والافتتاح كأنه عطف تفسير، ومنها ما قالته الشرَّاح.


(١) "لامع الدراري" (٣/ ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>