الصواب، ويكون على بصيرة في دين الله ولا يغتر بأهل الجهل والارتياب، وإن كانوا هم الأكثرين عددا، فهم الأقلون عند الله وعند رسوله والمؤمنين قدرا. وقد اعتنى العلماء رضي الله عنهم بذلك في كتبهم، وبوبوا لذلك في كتب الفقه في كل مذهب من المذاهب الأربعة وهو (باب حكم المرتد) ، وهو المسلم الذي يكفر بعد إسلامه، وذكروا أنواعا كثيرة كل نوع منها يكفر به المسلم ويبيح دمه وماله، وسأذكر من ذلك إن شاء الله تعالى ما يكفي ويشفي لمن هداه الله وألهمه رشده، وأجعل كلام كل طائفة من أتباع الأئمة الأربعة - أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد - على حده ليسهل ذلك على من أراد الاطلاع عليه. ونبدأ بكلامهم في الشرك الأكبر وتكفيرهم لأهله حين وقع في زمانهم من بعض المنتسبين إلى الإسلام والسنة، لأنه هو المهم، فنقول: أما كلام الشافعي فقال ابن حجر رحمه الله تعالى في: (كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر) : (الكبيرة الأولى) الكفر أو الشرك أعاذنا الله من ذلك. ولما كان الكفر أعظم الذنوب كان أحق أن يبسط الكلام عليه وعلى أحكامه، قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء} وقال تعالى: {إِنّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} وقال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَوَمَأواهُ النَّارُ} وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين" وكان متكئا فجلس فقال: "ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور" فما زال يكررها حتى قلنا ليته يسكت" ثم ذكر أحاديث كثيرة ثم قال: (تنبيهات) : منها بيان الشرك وذكر جملة من أنواعه لكثرة وقوعها في الناس وعلى ألسنة العامة من غير أن يعلموا أنها كذلك، فإذا بانت لهم فلعلهم أن يجتنبوها لئلا تحبط أعمال مرتكبي ذلك، ويخلدوا في أعظم العذاب وأشد العقاب. ومعرفة ذلك أمر مهم جدا، فإن من ارتكب مكفرا تحبط جميع أعماله، ويجب عليه قضاء الواجب منها عند جماعة من الأئمة كأبي حنيفة، ومع ذلك فقد توسع أصحابه