للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال القرطبي أيضًا في موضع آخر على الرجل أن يعدل بين نسائه لكل واحدة منهما يوم وليلة١.

هذا قول عامة العلماء، وذهب بعضهم إلى وجوب ذلك في الليل دون النهار.

ولا يسقط حق الزوجة مرضها ولا حيضها، ويلزمه المقام عندها في يومها وليلتها، وعليه أن يعدل بينهن في مرضه كما يفعل في صحته إلا أن يعجز عن الحركة فيقيم حيث غلب عليه المرض، فإذا صح استأنف القسم، والكتابيات والمسلمات في ذلك سواء٢.

قال ابن العربي:

قال علماؤنا - أي في العدل- معناه في القسم بين الزوجات والتسوية في حقوق النكاح, وهو فرض. وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتمده، ويقدر عليه، ويقول: -إذا فعل الظاهر من ذلك في الأفعال، ووجد قلبه الكريم السليم يميل إلى عائشة -"اللهم هذه قدرتي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" يعني قلبه٣.

هذا بعض ما جاء في المراد بالعدل المطلوب بين الزوجتين فأكثر فما هو مفهوم العدل في قوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} الآية؟

العدل الذي نفت حصوله هذه الآية هو العدل التام التمثل فيما ذكرته قبل قليل، وفي الحب خاصة لذلك قال تعالى -في الآية نفسها-: {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} تنبيهًا على أن الحب أمر خارح عن الإنسان خاضع للمؤثرات التي قد تكون لدى إحدى الزوجات من جمال، وزينة, وحسن خلق، ودعابة، وغيرها من صفات وأقوال، وأفعال لا توجد كلها، أو بعضها عند زوجة أخرى.


١ الجامع لأحكام القرآن ٥: ٢٠.
٢ الجامع لأحكام القرآن ١٤: ٢١٧.
٣ ابن العربي، أحكام القرآن ١: ٣١٣.

<<  <   >  >>