مسلم وغيره: "أنه قدم مكة، فاجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم في أول بعثته فأخبره أن الله بعثه بأن يعبد الله وحده ولا يشرك به شيء، وغير ذلك مما هو مذكور في الحديث من نفي عبادة الأوثان والأمر بمكارم الأخلاق، فقال له عمرو: من معك على هذا؟ قال: حر وعبد ومعه يومئذ أبو بكر وبلال، فما زال الحق يزيد بزيادة من قبله ودخل فيه حتى أكمل الله لهذه الأمة الدين وأتم عليهم النعمة، وقد قال هرقل لأبي سفيان لما سأله عن أتباع النبي صلى الله عليه وسلم: أيزيدون أم ينقصون؟ قال: بل يزيدون، قال هرقل: وكذلك أتباع الرسول، وبهذه المشابهة يتحقق المنصف أن هذا الدين الذي دعا إليه هو الحق، وأنه هو الذي دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما دلت عليه الآيات المحكمات التي لا يخفى معناها إلا على من عميت بصيرته وفسدت سريرته، فتأمل حماية الله ونصره لمن قبل هذه الدعوة ونصرها على ضعف منهم في الحال وقلة من العدد والرجال مع كثرة من خالفهم من قريب وبعيد وكثير وقليل مع الكيد الشديد، فأبطل الله كيدهم وصارت الغلبة للحق وأهله ومحق الله الباطل وأهله.