للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أبو بكر الكَلْوَاذاني (١) : ما رأيتُ مثل محمد بن إسماعيل، كان يأخذُ الكتابَ من العلماء، فيطَّلعُ عليه اطِّلاعةً، فيحفظُ عامَّةَ أطرافِ الأحاديث بمرَّة.

وقال علي بن الحُسَيْن بن عاصم البِيكَنْدي: قدم علينا محمد بن إسماعيل، قال: فاجتمعنا عنده، فقال بعضُنا: سمعتُ إسحاق بن راهويه يقول: كأنّي أنظرُ إلى سبعين ألف حديثٍ من كتابي. ̧ فقال محمد بن إسماعيل: أو تَعْجَبُ من هذا؟! لعلَّ في هذا الزمان مَنْ ينظرُ إلى مئتي ألف حديث من كتابه. وإنما عَنَى به نفسه.

ومن أعجب العجائب ما فعله أصحاب الحديث مع الإمام البخاري، وهذه القصَّة أوردها الخطيبُ البغدادي (٢) من طريق أبي أحمد بن عَدِيّ قال: سمعت عدة مشايخ يحكون: أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد، فسمع به أصحابُ الحديث، فاجتمعوا وعمدوا إلى مئة حديث، فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متنَ هذا الإسناد لإسناد آخر، وإسنادَ هذا المتن لمتن آخر، ودفعوها إلى عشرة أنفس، إلى كل رجل عشرة أحاديث، وأمروهم إذا حضروا المجلس أَنْ يُلقوا ذلك على البخاري، وأخذوا الموعد للمجلس، فحضر المجلس جماعة أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرهم ومن البغداديين.

فلمَّا اطمأن المجلس بأهله انتدب إليه رجلٌ من العشرة فسأله عن حديثٍ من تلك الأحاديث، فقال البخاري: لا أعرفه، فسأله عن آخر فقال: لا


(١) المصدر السابق ١٢ / ٤١٦.
(٢) ((تاريخ بغداد)) ٢ / ٢٠ - ٢١.

<<  <   >  >>