وحينئذ تكتمل الفائدة منه بمعرفة الأحاديث التي هي في الكتب الستة، والتنبيه على الأحاديث التي تَفَرَّد الإمام أحمد بروايتها عن الكتب الستة خاصّة.
كان الحافظُ ابنُ المُحِبّ رحمه الله تعالى من قبل ذلك رَتَّب ((مسند أحمد)) على طريقة كتب الأطراف، فأخذه الحافظُ ابنُ كثير وجعله عمدة كتابه
((جامع المسانيد والسنن)) ، وأضاف إليه من شارك الإمام أحمد في رواية الأحاديث من أصحاب الكتبِ الستّةِ ولواحقِها تبعاً لما ورد في ((تحفة الأشراف)) ، فإنْ لم يشاركه أحدٌ أشارَ إلى تفرُّدِ الإمام أحمد برواية هذا الحديث باعتبار الكتب الستة فقط.
ثم أضاف إلى كتابه أحاديث ((المعجم الكبير)) للطبراني، و ((مسند البزّار)) ، و ((مسند أبي يعلى الموصلي)) .
وقد أشار إلى ذلك الحافظُ ابنُ الجَزَرِيّ (١) ، فقال رحمه الله تعالى: ((أمّا ترتيب هذا المسند، فقد أقام اللهُ تعالى لترتيبه شيخنا خاتمةَ الحُفَّاظ الإمامَ الصالح الورع: أبا بكر محمد بن عبد الله بن المُحِبّ الصامت رحمه الله تعالى، فرَتَّبَه على مُعْجَم الصحابة، وَرَتَّبَ الرواةَ كذلك، كترتيب كتاب الأطراف، تَعِبَ فيه تَعَباً كثيراً.
ثم إنَّ شيخنا الإمام مؤرّخ الإسلام، وحافظ الشام عمادَ الدين أبا الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير رحمه الله تعالى، أخذ هذا الكتاب المُرَتَّب من مؤلّفه، وأضاف إليه أحاديثَ الكتب الستة، ومعجم الطبراني الكبير، ومسند البزّار، ومسند أبي يعلى الموصلي، وأَجْهَدَ نفسَه كثيراً، وتَعِبَ فيه تَعَباً عظيماً، فجاء لا نظيرَ له في العالم، وأَكْمَلَه إلاّ بعضَ مسند أبي هريرة، فإنه مات قبل أن