للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد حذف الحافظُ ابنُ الأثير الأسانيدَ من الكتب المذكورة، اقتداءً بمن سَبَقه من الأئمة، ثم قال رحمه الله تعالى في المقدمة (١) مبيِّناً سبب ذلك:

((لأنَّ الغَرَضَ من ذِكْر الأسانيد كان أولاً لإثبات الحديث وتصحيحه، وهذه كانتْ وظيفةَ الأولين رحمة الله عليهم، وقد كفونا تلك المؤنة، فلا حاجة بنا إلى ذِكْر ما قد فَرَغُوا منه، وأَغْنَوْنا عنه، فلم أُثْبِتْ إلاَّ اسمَ الصحابي الذي روى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إنْ كان خَبَراً، أو اسمَ من يرويه عن الصحابي إنْ كان أَثَراً، اللهمَّ إلاَّ أنْ يَعْرِضَ في الحديث ذِكْرُ اسم رواته فيما تمسُّ الحاجة إليه فأذكره، لتوقُّف فهم المعنى المذكور في الحديث عليه)) .

فهذا الكتاب يَقْصُرُ في العمل الموسوعي عن الغاية؛ لأنه لا إسنادَ فيه، فلا يمكن التعامل معه إلاَّ بكيفية مَتْنية قاصرة، وهو فرعٌ عن أصول ميسرة.

ورَتَّبَ الإمام ابن الأثير كتابه ((جامع الأصول)) على الكتب والأبواب، ورَتَّبَ الكتب على حروف المعجم، فبدأ بحرف الهمزة، بكتاب (الإيمان والإسلام) ، وانتهى بحرف الياء بكتاب (اليمين) ، ورَتَّبَ الأحاديث داخلَ كُلِّ بابٍ على فصول، والتبويبُ من أفضل طرق الدلالة على الأحاديث، إذْ يَدُلُّ عليها بمعانيها، فيُرْشِدُ المُرَاجِعَ إلى طَلِبَتِه بمعرفة موضوع الحديث، وبخاصةٍ إذا كان الحديثُ ناطقَ الدلالة على بابه أو كتابه.

لكنَّ الشيخَ ابنَ الأثير لَحَظَ أنَّ جملةً كبيرةً من الأحاديث لا يَخْلُصُ معناها، لتَدْخُلَ في بابٍ مُعَيَّنٍ تُطْلَبُ منه، فاخترع لها فَهْرَسَةًَ أخرى وطريقةً للدلالة عليها غيرَ الأبواب، فصَنَعَ لها (فهرسة على الألفاظ المشهورة فيها) ، يستهدي الطالبُ للحديث بمعرفة اللفظِ المشهورِ فيه، فيطلبه في حرفه ومادَّتِه،


(١) ١ / ٢٢.

<<  <   >  >>