للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وعلى تعريفِ المتكلمين للتصديق فإنه لا يمكن أن يكونَ إلا بالقلب أو اللسان، وهذا معترض بما ثبت في السنةِ وأقوالِ السلفِ من تسمية الأفعال تصديقا، كما جاء في الحديث:» إن الله كتب على ابن آدم حظَّه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فزنا العينِ النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك كلَّه أو يكذبه « (١) . وقال الحسن البصري:» ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكنه ما وَقَر في القلب وصدَّقَتْه الأعمال « (٢) . وروى محمد بن نصر المروزي أن عبدَ الملكِ بن مروان كتب إلى سعيد بن جبير يسأله عن هذه المسائل، فأجابه:» سألتَ عن الإيمان، فالإيمانُ هو التصديق، أن يصدق العبد بالله وملائكته وما أنزل الله من كتاب وما أرسل من رسول، وباليوم الآخر. وسألتَ عن التصديق، والتصديق أن يعمل العبد بما صدق به من القرآن، وما ضعف عن شيء منه وفرَّط فيه عرف أنه أذنب واستغفر الله وتاب منه ولم يصر عليه، فذلك هو التصديق... « (٣) . قال شيخ الإسلام رحمه الله:» وهذا معروف عن غير واحد من السلف والخلف، أنهم يجعلون العمل مصدقا للقول « (٤) .


(١) - أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان-باب زنا الجوارح دون الفرج، برقم: ٦٢٤٣ (ص١٢٠٢) ، ومسلم في كتاب القدر، برقم ٢٦٥٧ (ص١٠٦٦) .
(٢) - انظر مجموع الفتاوى: ٧/٢٩٤.
(٣) - نفس المرجع: ٧/٢٩٤.
(٤) - نفس المرجع: ٧/٢٩٦.

<<  <   >  >>