هذا، وقد طلب مني أخي الشيخ البشير قراءة ومراجعة هذه الرسالة لأقول فيها رأيي - وأنا لست بتلك الدرجة التي ظنها أخونا - ونزولا عند رغبة أخينا قرأتها كلها (١) - رغم ضيق وقتي وكثرة الشواغل والصوارف - بتدبر وإمعان بل وإنعام النظر، فوجدت اسمها مطابقا لمسماها. وجدتها رسالة مفيدة نافعة جامعة مانعة، فريدة في بابها تصلح أن تكون في مكتبة كل مسلم ومسلمة، فشكر الله لأخينا الشيخ البشير عمله وسدد قلمه لنقد الآراء الباطلة، ولبيان الأخطاء الفاحشة، وليجتنب التعرض للأشخاص دون ما منفعة، وللنوايا والبواطن، وليعدل مع المخالف وينصفه، ولا يحكم عليه قبل أن يقيم عليه الحجة، ويبين له المحجة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(وليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين، وإن أخطأ وغلط، حتى تقام عليه الحجة، وتبين له المحجة) . (ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك بالشك) . ولا سيما إن كان الخطأ في بعض المسائل الدقيقة في العقيدة فهي لا توجب التضليل والتبديع بله التكفير، فإذا لا بد من التبين والتثبت والتوثيق بالرجوع إلى كتبه إن كان ميتا، والاتصال به إن كان حيا، قبل إصدار الأحكام واتخاذ المواقف، ولا بد من لزوم حمل الكلام على أحسن محامله، ما دام يحتمل ذلك، ومن إحسان الظن بالمسلمين، ولا بد أن نعلم بأن المسلم يوزن بحسناته وسيئاته، والعبرة بكثرة الصواب والمحاسن، ومن كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله.
... وإذا الحبيب أتى بذنب واحد ... ... ... جاءت محاسنه بألف شفيع
(١) - وقديما قيل: (إذا استحسنت الكتاب واستجدته ورجوت منه الفائدة ورأيت ذلك فيه، فلو تراني وأنا ساعة بعد ساعة أنظر كم بقي من ورقة مخافة استنفاذه. الحيوان: ١/٥٣) . والله أنا ذلك الرجل مع هذه الرسالة. فقد – والله – عجبت من غرائب فوائدها ونوادرها ووجدت فيها تكوينه –أخينا الشيخ البشير – العقدي قويا سليما من الزيغ جهبذا فيه.