للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإذا كان الكفر هو نقيض الإيمان، فإن تعريفه يؤخذ من تعريف الإيمان، لأن الشيء تتبين حقيقته بمعرفة ما يضاده وينافيه. وأجمع ما عرف به الكفر قول ابن حزم:» وهو - أي الكفر - في الدين، صفة من جحد شيئا مما افترض الله تعالى الإيمان به بعد قيام الحجة عليه ببلوغ الحق إليه بقلبه دون لسانه، أو بلسانه دون قلبه، أو بهما معا، أو عمل عملا جاء النص بأنه مخرج له بذلك عن اسم الإيمان « (١) .

فبين - رحمه الله تعالى - أن الكفر الذي هو نقيض الإيمان، لا يخرج عن أحد أمور أربعة مستخلصة من الأركان الأربعة التي تتشكل منها حقيقة الإيمان الشرعي، كما سبق بيانه، وهذه الأمور هي:

١-التكذيب (أو الشك) الذي يناقض تصديق القلب.

٢- عمل قلبي كفري يناقض عملا من أعمال القلوب الإيمانية، مثل البغض الذي يناقض المحبة.

٣-قول لساني كفري يناقض شهادة أن لا إله إلا الله، أو الامتناع عن النطق بالشهادتين لغير عذر شرعي.

٤- عمل ظاهر من أعمال الجوارح مثل التولي عن طاعة الله وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، أو التشريع من دون الله تعالى، أو ترك الصلاة على الصحيح، وغير ذلك من الأعمال المناقضة لإيمان الجوارح القائم على الانقياد والخضوع.

وقد استقصى علماء الإسلام في كتب الفقه جملة الأقوال والأعمال المناقضة للإيمان بما لا مزيد عليه، كما تجده مسطرا في أبواب الردة من أسفار الفقه الإسلامي (٢) .

قلت في النظم:

أنواعه التكذيب والجحود

والشك الاستكبار والتقليد

كذاك جهل، وهو في حكم الدنى

قول وفعل، لا الذي القلب جنى

الشرح:


(١) - الإحكام: ١/٤٩.
(٢) - ولكن ينبغي التنبيه على أن ما يذكره الفقهاء من الأعمال والأقوال قد يكون من قبيل المختلف في التكفير به، كما أن تنزيل حكم الكفر على الأعيان لا بد أن يخضع لضوابط التكفير التي سيأتي ذكرها فيما يلي.

<<  <   >  >>