للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لزوجته: إن علمت من أختي شيئًا ولم تقوليه فأنت طالق فتنصرف إلى ما يوجب ريبة ويوهم فاحشة دون ما لا يقصد العلم به كالأكل والشراب.

فائدة: إذا عرفت أن الأرجح عندنا اعتبار عموم اللفظ دون خصوص السبب فلا نعتقد أن يسنحب العموم في كل ما ورد وصدر؛ بل إنما نعمم حيث لا معارض وفي المعارض أمثلة:

منها: حديث النهي عن قتل النساء والصبيان١ أخذ أبو حنيفة بعمومه وقال: المرأة المرتدة لا تقتل، وخصصناه نحن بسببه؛ فإنه ورد في امرأة مقتولة مر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته، فنهى إذا ذاك عن قتل النساء والصبيان لحديث: "من بدل دينه فاقتلوه" ٢ وغيره من الأدلة.

ومنها: حديث أنس "ليس من البر الصيام في السفر" ورد في رجل قد ظلل عليه من جهد ما وجد، وقد تقدم الكلام فيه.

تنبيه: قدمنا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب والخلاف في ذلك إذا لم تكن هناك قرينة تعميم فإن كانت فالقول بالتعميم ظاهر كل الظهور بل لا ينبغي أن يكون في التعميم خلاف.

وهذا كان الشيخ الوالد ينبه عليه ويقول: من القرائن العدول عن صيغة الإفراد إلى الجمع ويمثل بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} ٣ نزلت في أمانة واحدة وهي مفتاح الكعبة فعدل عن الإفراد إلى الجمع ليعم كل أمانة، وأمثلة هذا تكثر وإليه الإشارة بقوله في جمع الجوامع؛ فإن كانت قرينة تعميم فاحذر فمتى عدل عن لفظ الإفراد إلى الجمع أو عن لفظ لا حصر فيه إلى ما فيه حصر مثل هو الطهور ماؤه٤ أو ضم إلى المسؤول عنه في الجواب عنه غيره مثل {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} فذكر


١ البخاري ٦/ ١٤٨ في الجهاد/ باب الصبيان "٣٠١٥"، ومسلم ٣/ ١٣٦٤ في الجهاد والسير / باب تحريم قتل النساء "٢٥/ ١٧٤٤".
٢ البخاري ١٢/ ٢٦٧ في كتاب استتابة المرتدين/ باب حكم المرتد "٦٩٢٢".
٣ النساء "٥٨".
٤ أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٢٢ في الطهارة/ باب الظهور للوضوء حديث "١٢"، الشافعي في الأم ١/ ٣ في الطهارة وأحمد في المسند ٢/ ٣٦١ في مسند أبي هريرة رضي الله عنه وأبو داود ١/ ٢١ في الطهارة/ بابا لوضوء بماء حديث "٨٣" والترمذي ١/ ١٠٠ في الطهارة/ باب في ماء البحر أنه طهور حديث "٦٩" وقال حسن صحيح والنسائي ١/ ٥٠ وابن ماجه ١/ ١٣٦ "٣٨٦".