ومنها: إذا قطع رجلي رجلين قطع بالأول وللآخر الدية بدلًا من المحل الفائت، وعندهم يقطع بهما اكتفاء.
ومنها: شريك الأب يلزمه القصاص تحقيقًا لمقابلة المحل بالمحل كشريك الأجنبي، وقالوا لا قصاص عليه لأن القصاص مقابلة الفعل بالفعل، وفعل شريك الأب قاصر من حيث أنه شارك من لا قود عليه فصار كشريك الخاطئ.
ومها: إذا مات من وجب عليه القصاص أخذت الدية من تركته بدلًا عن المحل وعندهم لا تؤخذ؛ لأن المستحق له فعل القتل وقد فات.
ومنها: إذا كان في الورثة صغير ينتظر بلوغه ليقتص من الجاني لأن الورثة يستحقون المحل والصبي لا ينال هذا الاستحقاق بدليل ما لو كان الصبي هو الوارث وحده.
وعند أبي حنفية رضي الله عنه يستبد الكبير باستيفائه في المحل لأن القصاص استحقاق فعل القتل جزاء والصغير ليس أهلًا لاستحقاقه؛ فلا ينتظر.
مأخذ:
قال علماؤنا: المأذون في فعله من قبل الله فيما تمحض حقًا لله كالمأذون في فعله من قبل العبد فيما هو من حقوق العباد.
وقالت الحنفية: المفعول بإذن الشرع إما واجب الفعل أو مخبر فيه بين الفعل والترك.
فالأول: ينزل منزلة المستوفي بإذن المستحق حتى لا يشترط فيه سلامة العاقبة كالإمام إذا قطع يد السارق فسرت إلى نفسه.
والثاني: وهو ما خير المستوفي له بين فعله وتركه لا ينزل منزلة المأذون، من جهة المستحق.
قالوا: والفرق أن التكليف بالشيء ينفي اشتراط السلامة فيما يتولد منه لأن الاحتراز عنه غير ممكن، أما التخيير بين فعله وتركه فلا ينفي اشتراط السلامة لإمكان الاحتراز عنه.
وهذا الأصل خرج عليه مسألة سراية القصاص، وصورتها أنه يجب القصاص على رجل في عضو من أعضائه فيقطع قصاصًا فيموت المقتص منه بالسراية.