قَالَ: وَإِذا تقرر ذَلِك تعين تَأْوِيل مَا وَقع فِيهَا مِمَّا يستنكر وَهُوَ قَوْله: (ألْقَى الشَّيْطَان عَلَى لِسَانه تِلْكَ الغرانيق العلى وَإِن شفاعتهم لترتجى) فَإِن ذَلِك لَا يجوز حمله عَلَى ظَاهره، فَإِنَّهُ يَسْتَحِيل عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن يزِيد فِي الْقُرْآن عمدا مَا لَيْسَ مِنْهُ وَكَذَا سَهوا، إِذا كَانَ مغايرا لما جَاءَ بِهِ من التَّوْحِيد لمَكَان عصمته.
وَقد سلك الْعلمَاء فِي ذَلِك مسالك فَقيل: جَرَى ذَلِك عَلَى لِسَانه حِين أَصَابَته سنة وَلَا يشْعر فَلَمَّا أعلم بذلك أحكم الله آيَاته.
وَهَذَا أخرجه الطَّبَرِيّ عَن قَتَادَة ورده عِيَاض بِأَنَّهُ لَا يَصح لكَونه لَا يجوز عَلَى النَّبِي ذَلِك، وَلَا ولَايَة للشَّيْطَان عَلَيْهِ فِي النّوم.
وَقيل: إِن الشَّيْطَان أَلْجَأَهُ إِلَى أَن قَالَ ذَلِك بِغَيْر اخْتِيَاره.
ورده ابْن الْعَرَبِيّ [٥٧/ أ] بقوله تَعَالَى حِكَايَة عَن الشَّيْطَان (وَمَا كَانَ لي عَلَيْكُم من سُلْطَان) .
وَقيل: إِن الْمُشْركين كَانُوا إِذا ذكرُوا آلِهَتهم وصفوهم بذلك فعلق ذَلِك بِحِفْظ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَجَرَى عَلَى لِسَانه لما ذكرهم سَهوا، وَقد رد ذَلِك عِيَاض فأجاد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute