للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحين يكون الائتلاف بين الأحزاب سنة ١٩٢٦، ويتهادن الزعماء، وتنام الفتنة إلى حين، يبتهج شوقي بهذا، بل يتغنى به، فيقول من إحدى قصائده في هذا الوقت:

التامت الأحزاب بعد تصدع ... وتضافت الأقلام بعد تلاح

سحبت على الأحقاد أذيال الهوى ... ومشى على الضغن الوداد الماحي

وجرت أحاديث العتاب كأنها ... سمر على الأوتار والأقداح

ترمي بطرفك في المجامع لا ترى ... غير التعانق واشتباك الراح١

وحين يستبد بعض الحكام في عهود الانقلابات الدستورية، نرى بعض الشعراء المحافظين يصبون بشعرهم اللعنات على الاستبداد والمستبدين، وبرغم أن معظم شعر هؤلاء الشعراء في هذا الميدان قد ضاع، أو نسي لما لم يتح له من نشر أو تسجيل، فإن قليلًا منه قد استطاع أن ينجو من وادي النسيان، ويصل إلينا مسجلًا ما كان من مقاومة لهؤلاء الحكام المستبدين، ومن هذا الشعر القليل الذي نجا من الضياع، قول حافظ من قصيدة له في صدقي سنة ١٩٣٢:

ودعا عليك الله في محرابه ... الشيخ والقسيس والحاخام

لا هم أحي ضميره ليذوقها ... غصصًا وتنسف نفسه الآلام٢

وكما نجد أعلام الاتجاه المحافظ البياني يتحولون بشعرهم إلى ميدان الصراع السياسي، ويولونه اهتمامًا أكثر من اهتمامهم بميدان النضال الوطني، نجدهم كذلك يعبرون عما طرأ على الفكر المصري حينذاك، من تطورات "أيديلوجية" وما أصاب النظرة السياسية من تغيرات٣.

فحين تغلب فكرة الوطنية المحلية فكرة الجامعة الإسلامية -في هذه الفترة- نجد أعلام الاتجاه المحافظ يعبرون عن هذا الشعور الوطني، حتى ليتطرف بعضهم فيقدس الوطن تقديسًا، وهذا شوقي يقول للشباب سنة ١٩٢٤:


١ الشوقيات جـ٢ ص١٩١.
٢ ديوان حافظ جـ٢ ص١٠٥.
٣ انظر: في ذلك: الفصل الرابع، المقال "١- غلبة التيار الفكري الغربي".

<<  <   >  >>