في الفهم أو استغلال أصحاب الأهواء، والسلاطين ظاهر النصوص لتأييد بدعهم وتسويغ ظلمهم وغشمهم. ولقد أنكر الحسن البصري تحديث أنس للحجاج بقصة العرنيين؛ لأنه اتخذها وسيلة إلى ما كان يفعله من المبالغة في سفك الدماء، ولا حجة له في ذلك سوى تأويلاته الواهية.
وهذا أحمد بن حنبل، يكره التحديث بعض الأخبار، التي يكون ظاهرها الخروج على الأمير. وهذا أبو يوسف يكره التحديث بالغرائب. وكان ذلك منهم رضي الله عنهم، محافظة على سلامة الدين من أصحاب الأهواء، وسلامة الأمة من أهل الشغب والفتن. فكثيرا ما تعلل المبطلون والإباحيون بظواهر أحاديث، غير ماردة فتحللوا من أحكام الإسلام، وخرجوا إلى صريح الكفر من حيث يشعرون أو لا يشعرون. وكثيرا ما يوجد ذلك في أقوام ينصبون أنفسهم دعاة للدين، سواء أكانوا مغرضين أم غير مغرضين وصدق القائل: وآفة الأديان من جهل الدعاة.
لذلك أمسك الصحابة عن التحديث بما يكون ذريعة للتقصير، والتهاون بسبب قصور النظر، أو يكون سلما لأهل الأهواء والبدع، ومن هو على شاكلتهم حتى لا تكون فتنة في الأرض وفساد كبير١.