للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان من المسموح به أن نعامل الحيوانات على أنها أشياء، سواء أكنا نستأنسها أم كنا نذبحها دون تحرج؟

وهنا اعتبارات أخرى غريبة عن المنطق المحض، لا مناص من أن تدخل في تفكير المشرع، كيما تطبع نتائجه بذلك الطابع غير المتكافئ، تارة بتوسيعها، وتارة بتضييقها.

وأما كون تلك الصيغ الفرعية سقيمة التوافق مع المبدأ، فذلك عندما يحظر علينا هذا المبدأ أن نسمح لأي امرئ أن يمس حقوقنا، فإما أن الكلمات قد فقدت مدلولها، وإما أن أي "حق" من حيث هو هو، لا ينشئ "واجبًا" قِبَلَ من يملكه، بل في مواجهة الغير. فإذا كان هذا فعلًا حقي فأنا حر في أن أستمسك به، أو أتنازل عنه لمن أشاء. ولنقررْ، بنوع من انفصام الذات، أنني باعتباري "فردًا" يجب أن أدافع عن حقي باعتباري "إنسانًا"، أي: باعتباري أمينًا على هذا المبدأ المقدس، مبدأ الإنسانية. لكنا إذا تعدينا واجب "العدالة" فهناك واجب "الرحمة"، ألا يتطلب هذا الواجب أيضًا أن يطبق بصورة شاملة؟ ولما كانت الرحمة تستتبع بالأحرى إغضاء وتسامحًا، فإن الأخلاق المسيحية التي تأمرنا في هذا الصدد بأن نحب حتى أعداءنا -كانت أكثر إخلاصًا لمبدأ الواجب الكلي الشامل من الأخلاق الكانتية.

وهنا نشهد اعترافًا ضمنيًّا بأن العمومية لا يمكن أن تتوافق مع واجب إلا إذا قوضت عمومية واجب مناقض له. والحق أن الأمر الحتمي غير المشروط لا يمكن أن يُتَخيّل بالمعنى الدقيق للكلمة، أعني: من وجه مطلق، غير محدود، لا بالتجربة، ولا بالإدراك، إلا إذا قبلنا مبدأ الواجب الوحيد وبما أن هنالك تعددًا في الواجبات، وينبغي أن يوجد هذا التعدد، فإن هناك حالتين ممكنتين:

<<  <   >  >>