وخمسة وستين شيخا وقال: رحلت من آخر الغرب إلى فرغانة يمينا وشمالا وجبلا وبحرا وألف كتابه "الكامل" الذي جمع فيه بين الذرة وأذن الجرة من صحيح وشاذ ومشهور ومنكر فقال في باب المد في فصل المتصل: لم يختلف في هذا الفصل أنه ممدود على وتيرة واحدة فالقراء فيه على نمط واحد وقد رواه بثلاث ألفات إلى أن قال: وذكر العراقي أن الاختلاف في مد كلمة واحدة كالاختلاف في مد كلمتين ولم أسمع هذا لغيره، وطالما مارست الكتب والعلماء فلم أجد من يجعل مد الكلمة الواحدة كمد الكلمتين إلا العراقي.
قلت: والعراقي هذا هو منصور بن أحمد المقرئ كان بخراسان ولقد أخطأ في ذلك، وشيوخه الذين قرأ عليهم نعرفهم الإمام أبو بكر بن مهران وأبو الفرج الشنبوذي وإبراهيم بن أحمد المروزي لم يرو عنهم شيء من ذلك في طريق من الطرق، فإذا كان كذلك يجسر ابن الحاجب أو من هو أكبر منه على أن يقدم على ما أجمع عليه فيقول هو غير متواتر. فهذه أقسام المد العرضي أيضا متواترة لا يشك في ذلك إلا جاهل، وكيف يكون المد غير متواتر وأجمع الناس عليه خلفا عن السلف؟ فإن قيل: وقد وجدنا القراء في بعض الكتب كالتيسير للحافظ الداني وغيره جعل لهم فيما مد للهمز مراتب في المد إشباعا وتوسطا وفوقه ودونه وهذا لا ينضبط إذ المد لا حد له وما لا ينضبط كيف يكون متواترا؟ قلت نحن لا ندعي أن مراتبهم متواترة وإن كان قد ادعاه طائفة من القراء والأصوليين بل نقول: إن المد العرضي من حيث هو متواتر مقطوع به قرأ به النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنزله الله تعالى عليه وأنه ليس من قبيل الأداء فلا أقل من أن نقول: القدر المشترك متواتر، وأما ما زاد على القدر المشترك كعاصم وحمزة وورش فهو إن لم يكن متواترا فصحيح مستفاض متلقى بالقبول ومن ادعى تواتر الزائد على القدر المشترك فليبين.
وأما الإمالة على نوعيها فهي وضدها لغتان فاشيتان من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن مكتوبتان في المصاحف متواترتان، وهل يقول أحد في لغة أجمع الصحابة والمسلمون على كتابتها في المصاحف أنها من قبيل الأداء وقد نقل الحافظ الحجة أبو عمرو الداني في كتابه "إيجاز البيان" الإجماع على أن الإمالة لغة لقبائل العرب دعاهم إلى الذهاب إليها التماس الخفة. وقال الإمام أبو القاسم الهذلي في كتاب "الكامل": إن الإمالة والتفخيم لغتان ليست إحداهما أقدم من الأخرى بل نزل القرآن بهما جميعا. إلى أن قال: والجملة بعد التطويل أن من قال إن الله تعالى لم ينزل القرآن بالإمالة أخطأ