للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن ذوي الألباب من أهل العلم والأدب في شعرهم ونثرهم؛ ولذلك قال أحد الأدباء: "فلسنا إلى ما يمسك أرماقنا من المأكل والمشرب، بأحوج منا إلى ما يثبت عقولنا من الأدب الذي به تفاوت العقول"١.

٦- الأدب وسيلة لتسطير العلم وتدوينه في قوالب لفظية بديعة تجعل المتعلم يقبل عليها بلا ملل، ويدبر عنها في شوق لها، وقد قيل أن من أدب التأليف: "الحرص على إيضاح العبارة وإيجازها، فلا يوضح إيضاحاً ينتهي إلى الركاكة، ولا يوجز إيجازاً يفضي إلى المحق والاستغلاق" ٢.

وقد اعتبر العرب الشعر ديوان أخبارها، فقيل: (الشعر معدن علم العرب، وسِفْرُ حكمتها، وديوان أخبارها، ومستودع أيامها) ٣.

٧- أن الأدب اللفظي الجميل مثار إعجاب الآخرين، الذي ينعكس بدوره على عواطفهم. فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: إنه قدم رجلان من المشرق فخطبا، فعجب الناس لبيانهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن من البيان لسحر، أو إن بعض البيان سحر" ٤.

قال ابن حجر: "وقد اتفق العلماء على مدح الإيجاز والإتيان بالمعاني الكثيرة بالألفاظ اليسيرة، وعلى مدح الإطناب في مقام الخطابة بحسب المقام ... نعم الإفراط في كل شيء مذموم، وخير الأمور أوسطها، والله أعلم" ٥. وهذا كله في صرف الكلام للحق لا للباطل.


١ عبد الله المقفع، الأدب الصغير والأدب الكبير، ص (١٤) .
٢ السيوطي، التعريف بآداب التأليف، ص (٢١) .
٣ ابن قتيبة، عيون الأخبار (٢/١٨٥) .
٤ البخاري (٤/٤٩) ، برقم (٥٧٦٧) .
٥ ابن حجر، فتح الباري (١٠/٢٣٨) .

<<  <   >  >>