أكيدة بين السرطان وبين الفحم ومشتقاته –هي شيوع ((سرطان الصفن)) بين كثير من منظفي المناجم، الأمر الذي لفت انتباه السير ((بير سفال بوث)) عام ١٧٧٥م. وأعقبت ذلك ظاهرة مشابهة لدى عمال المناجم في ساكسونية: حيث فشت الإصابات فيهم نتيجة التأثير نفسه مما جعل الأطباء يهتمون بدراسة المرض ومعرفة أسبابه المباشرة.
وهناك حقيقة مؤسفة بهذا الصدد: وهي أن السرطان الرئوي داء خبيث، لا يتم اكتشافه في العادة إلا بعد أن تتضح آثاره خارج الرئة نفسها، مما يجعل أربعة من كل خمسة أشخاص يصابون به لا يمكن تداركهم في الوقت المناسب فيواجهون القضاء المحتوم ولهذا السبب أعلن مجلس الأبحاث الطبية في بريطانيا عام ١٩٥٧م ((أن التفسير الوحيد المقبول لازدياد الوفيات بحوادث سرطان الرئة لدى الرجال في الخمس والعشرين سنة الأخيرة هو أن الازدياد ناتج في غالبيته عن التدخين، لاسيما التدخين الشديد؛ (أكثر من عشرين سيجارة يوميا) .
وفي الدراسة المشار إليها آنفا:
Common sense about smoking إحصائية تقول: إن عدد الموتى في سنة واحد -مصابين بسرطان الرئة- هم ثلاثة وعشرون ألفا عام ١٩٦٢م.
وأنه قد مات في بريطانيا حتى عام ١٩٦٣م أكثر من (ربع مليون شخص) بسبب التدخين. وكل شيء بقضاء الله وقدره.
وجدير بالذكر هنا: أن جمعيات السرطان التي تكافح هذا الوباء في كل مكان –تؤكد للعالم كله، أنها لا تنطلق في نشاطها المعادي للتدخين من دافع ديني أو اجتماعي أو أخلاقي، وأنها إنما تنبعث من دافع واحد فقط:
وهو خطر التدخين على الناحية الصحية
ذلك الخطر الذي يشتد ويتزايد مع بلع الدخان، أو الإصرار على إخراجه من الأنف، أو التدخين قبل تناول الطعام مطلقا، أو التدخين في الغرف المغلقة بصفة عامة وغرف النوم بصفة خاصة.
وحيث قد تأكدت علاقة التدخين بالسرطان الرئوي، فلم يعد ثمة مجال للقول بغير التحريم المطلق للتدخين بحكم كونه مفضيا إلى التهلكة المنهي عن الوقوع فيها بالنص القرآني {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} .