غير أن قباذ استطاع أن يعود إلى الملك وأن يحبس أخاه، فقوي شر المزدكية من جديد، واستمرت إلى أن قتل قباذ وتولى بعده ابنه أنوشروان الذي ولد في عهده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما استقل بالملك وجلس على السرير قال لخواصه:"إني عاهدت الله إذا صار إلي الملك ألا أبقي على أحد من المزدكية الذين أفسدوا أموال الناس ونساءهم"، وكان عند سريره رجل مزدكي فقال:"أتقتل الناس جميعا؟ " فنظر إليه أنوشروان وقال له: "أتذكر يا ابن الخبيثة يوم طلبت من أبي أن يأذن لك في المبيت عند أمي فأذن لك، ولما ذهبت إلى حجرتها لحقت بك وقبلت رجلك وتضرعت إليك حتى وهبتها لي ورجعت؟ " فأقر الرجل أمام الحاشية بما قال الملك، فأمر بقتله فضربت عنقه وأحرقت جثته، ثم أمر أنوشروان باستئصال شأفة المزدكية وقضى عليهم.
كما عرفت الشيوعية في العصر الحديث في صور متقاربة بزعامة رجال تكاد تتشابه ظروف حياتهم مع حياة مزدك الفارسي، وأشهر هؤلاء كارل ماركس المولود عام ١٨١٨م من أبوين يهوديين، غير أن اباه أظهر أنه تنصر وترك دين اليهودية، وكذلك فعل ابنه كارل ماركس، وقد وصف "أوتورهل"ماركس بأنه كان على الدوام متقلبا حقودا لا يزال في تصرفه عرضة لتأثير سوء الهضم والانتفاخ، وهياج الصفراء، وكان موسوسا يغلو كجميع الموسوسين في الشعور بمتاعبه الحسدية، وقد كان كارل ماركس يهمل دروسه، وينقطع عن معهده الأسابيع المتواصلة متابعا لما شذ من الآراء التي يبنيها اليوم ويهدمها غدا؛ أو باحثا عن اللذة الجنسية والمتاع الجسدي، وقد شغف أولا بدراسة القانون ثم تركه وشغف بدراسة الفلسفة ثم تركها، واشتغل بدراسة المذاهب الاقتصادية وحصل على دكتوراه بالمراسلة من جامعة جينا الألمانية عام ١٨٤١م.
وكان ماركس أيام حياته الدراسية عالة على أبيه "هرشل" فلما مات أبوه صار عالة على أمه وأخته حتى عجزتا عن مواصلة الإنفاق عليه، فصار يلجأ إلى الاستدانة من أقربائه وأصدقائه، وبخاصة من انجلز الذي صار قرينه