الخير إلا دل الناس عليه، ولا بابا من أبواب الشر إلا حذر الناس منه، بيد أن جماعة من هؤلاء يقولون: إن بعض نصوص القرآن كقوله تعالى: {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ}(الحشر: من الآية٧) وكقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الناس شركاء في ثلاثة: في الماء والنار والكلأ" تدل على صحة المذهب الاشتراكي، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على جهل هؤلاء بحقيقة الإسلام عموما، وبمعنى هذه الآية وذلك الحديث خصوصا؛ فإن الآية نزلت تشرح مصرف الفيء، وهو نوع خاص له طابع خاص من بين الأموال الإسلامية، وأما الحديث فقد بين موضع الشركة وهو الماء والنار والكلأ، ولفظ الحديث يدل بمفهومه على أن ما عدا هذه الأشياء الثلاثة من الأموال والأشياء التي يمكن أن يتملكها الإنسان لا اشتراك فيها، على أن صريح القرآن وصحيح وصريح السنة يدل بما لا مجال للشك فيه على حفظ ممتلكات الناس وأموالهم إلا برضا منهم، وفي ذلك يقول الله عز وجل:{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}(البقرة:١٨٨) وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: " ... ألا أن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا هل بلغت اللهم فاشهد" وكما قال صلى الله عليه وسلم: "من غصب شبرا من أرض طوقه الله بسبع أرضين يوم القيامة" وتاريخ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كالزبير بن العوام الذي مات عن أرض الغابة وإحدى عشرة دارا بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودار بالكوفة، ودار بمصر، وقد كان عليه دين يبلغ ألفي ألف ومائتي ألف "أي مليونين وربع تقريبا" وأن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما حصر مال أبيه فوجده خمسين ألف ألف "أي خمسين مليونا" ومائتي ألف، والزبير من المبشرين بالجنة. وكذلك عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وهو أحد العشرة كذلك رضي الله عنهم قد كان نصيب نسائه من تركته فوق ستين ألفا. ومعنى ذلك أن تركته