وأن الفطن هو من لا يرى هذه الظواهر، وإنما يتبع الإمام في تفسير الباطن، فكان هؤلاء الباطنيون كما قيل عنهم: ظاهرهم الرفض، وباطنهم الكفر المحض. وقد اتفقت كلمة الناس عنهم أنهم كانوا يسلطون أتباعهم على الشهوات، وقضاء الملذات، وانتهاك الحرمات، وأنهم كانوا يستبيحون كل محرم، وكان لهم ليلة يجتمعون فيها رجالهم ونساؤهم، ويطفئون سرجهم، ثم يتناهبون النساء، وأنهم كانوا يؤمنون برجل في جاهلية الفرس قبل الإسلام يدعى شروين، ويزعمون أنه كان نبيا، وأنه أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. هذا وقد قسمت الماسونية جمعياتها حسب مخططاتها وأغراضها، فبعض هذه الجمعيات لإثارة الطلاب، وبعضها للاستيلاء على أفكار الصحفيين والكتاب والمؤلفين، وبعضها لإثارة العمال والفلاحين، وبعضها مختصة بالعسكريين، وبعضها لإحداث الانقلابات في الدول، إلى غير ذلك؛ فالماسون كانوا وراء الثورة الفرنسية، وهم وراء مذبحة استنبول التي ذبح فيها ٦٨ ألف مسلم عام ١٩٠٨م، وهم كذلك وراء حرب البلقان عام ١٩١٢م، والتي أثارت كذلك الحرب العالمية الأولى، وهم كذلك مدبروا الانقلاب ضد السلطان عبد الحميد، وهم مزيلوا الخلافة الإسلامية.
وقد يؤيد الماسون دعوات ليسوا في الأصل منشئيها إذا وجدوا أن هذه الدعوات تخدم بعض أغراضهم ولو إلى حين؛ ولذلك أيدوا داروين النصراني في نظريته التطور والارتقاء، وبذلوا كل دعاية ممكنة لترويج مذهبه الفاسد، لأنه يحدث بلبلة ضد الأديان، كما أيدوا كذلك دعاة القومية العربية مع أنها في الواقع أسسها دعاة النصرانية، وعقدوا لها أول مؤتمر في باريس عام ١٩١٠م، ومع أنها كذلك تخالف بعض مبادئهم ضد الأمميين، لكنها لما كان ترويجها يحطم روح الدين في نفوس أهلها، ويؤدي إلى محاربة الأديان، قام الماسون بالترويج والدعاية لها. كما أيدوا القاديانية التي أنشئت لتكون كالخراج الحار في جسم الأمة الإسلامية؛ كما أيدوا البهائية التي تدعوا صراحة للتجمع الصهيوني في فلسطين، إذ قام رئيس هذه العصابة - عباس المسمى بعبد البهاء - يعمل على إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وفي ذلك يقول في (مفاوضات عبد البهاء) ص٥٩: "وفي زمان ذلك العصن الممتاز، وفي