والحديث عام يشمل كل حدث ينافي الشرع والبدع أقبح المحدثات وهو وإن كان خاصاً بمدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فغيرها داخل في المعنى، وهذا الحديث من أشد ما يكون على أهل البدع.
وأما الاحتمال الثاني وهو أن يراد عدم قبول ما داخلت البدعة من الأعمال خاصة فذلك ظاهر جدا يدل عليه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" متفق عليه ولمسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد".
وقوله: كل بدعة ضلالة.
والبدعة مانعة من الورود على حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن شفاعته فذلك للحديث الصحيح:"فليذاد رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال" وفي رواية: "أنا على الحوض أنتظر من يَرِد علىّ منكم فيؤخذ أناس دوني فأقول يا رب مني ومن أمتي فيقال: أما شعرت ما عملوا بعدك؟ وفي رواية: ما تدرى ما أحدثوا بعدك؟ فأقول: سحقا سحقا".
والمبتدع عليه إثم من عمل ببدعته إلى يوم القيامة فذلك لقول الله تعالى:{لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْم} الآية وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من سن سنة سيئة فعمل بها بعده كان عليه وزرها ووزر من عمل بها". فما من بدعة يبتدعها أحد فيعمل بها من بعده إلا كتب على مبتدعها إثم من عمل بها زيادة على إثم ابتداعه أولا ثم عمله ثانيا.
وأيضاً فإذا كانت كل بدعة تستلزم رفع السنة التي تقابلها كان على المبتدع إثم ذلك زائدا على إثم الابتداع.
والتوبة محجوبة عن صاحب البدعة فيدل على ذلك حديث أنس رضي الله عنه المرفوع:"إن الله حجز أو قال حجب التوبة عن كل صاحب بدعة". رواه ابن أبي عاصم في السنة وقال الألباني:"صحيح بشواهده".
ويدل عليه ما في حديث الخوارج وهو قوله:"يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه".
ويدل على ذلك قوله في حديث الفرق:"وإنه سيخرج من أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله"، وعدم قبول التوبة من المبتدع يقتضي ظاهر الحديث عموم ذلك فهو محمول على العموم العادي لأن الغالب عادة في الواقع الإصرار من المبتدعة على البدع.