ولما كان كثير من الناس - منذ زمن ليس بالقليل - قد ملك حب المال قلوبهم، واستولت شهوته تمامًا على نفوسهم، وكأنهم لأجل ذلك وحده خلقوا، فشمَّروا عن ساعد الجد، راكبين الصعب والذلول في الحصول على الأرزاق وتكثير الأموال، غير مكتفين في هذا الطلب والسعي بدخول بيوتات الرزق من أبوابها، بل مقتحمين من كل نافذة وطاقة بكل حرص وشراهة، غير متقيدين بالطرق المشروعة، ولا مبالين بالنتائج المقبوحة، وهم - مع هذا - أو أكثرهم يكثر الشكاية من القلة في الرزق، ومحق البركة من الرواتب والأموال، وعدم التوفيق في شؤون الحياة ومصالحها.
لهذا فقد رأيت أن أسهم بتذكير نفسي أولاً ثم بتذكير إخواني ثانيًا بكتابة هذا البحث "البركة في الرزق، والأسباب الجالبة لها"، الذي أرجو أن يكون نافعًا في بابه، وسببًا من الأسباب التي يشاء الله - عز وجل - إجراءها وسوقها لنفع عباده، وتذكيرهم ببعض مالهم وما عليهم فيما يخصهم في أرزاقهم.
وقد جعلت هذا البحث منتظمًا في مقدمة، ومبحثين، وخاتمة، وفهرسين، وذلك على النحو الآتي:
١ – المقدمة:
وفيها الإشارة إلى أهمية الموضوع، وسببه، وخطته.
٢ - المبحث الأول:
وفيه مطلبان. الأول: فيه شرح بعض الألفاظ الواردة في عنوان البحث، مع الإشارة إلى حدود البحث. الثاني: فيه المنهج الذي سرت عليه في أثناء البحث.
٣ - المبحث الثاني:
ويشتمل على أهم الأسباب الجالبة للبركة، وفيه عشرة مطالب هي:
المطلب الأول: تقوى الله - عز وجل - والتقرب إليه بالطاعات:(الصلاة، الحج والعمرة، الزكاة وما يتبعها من صدقات، وصلة أرحام) .