معاً، فإنه يستحب فيه المقارنة، يدل على هذا ما رواه أحمد والنسائي والسراج بلفظ:"إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين، فإن الملائكة تقول: آمين، وإن الإمام يقول: آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه". وقيل: الأول لمن قرب عن الإمام، والثاني لمن تباعد عنه؛ لأن جهر الإمام بالتأمين أخفض من جهره بالقراءة. وقيل: يؤخذ من الروايتين تخيير المأموم في قولها مع الإمام أو بعده، قاله الطبري. وقيل: لا حاجة إلى الجمع بين الروايتين؛ لأن الجمع والتوفيق فرع التعارض والتخالف، ولا تخالف بين الروايتين، فإن المراد بقوله:"إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين" أي وقال: آمين فقولوا آمين، أي مع تأمين الإمام، يدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: فإن الملائكة تقول: آمين، وإن الإمام يقول آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه. قال الحافظ: وهو دال على أن المراد الموافقة في القول والزمان- انتهى. وهذا هو المراد بقوله:"إذا أمن الإمام فأمنوا، أي فقولوا آمين مقارنين بتأمينه. قال الخطابي في المعالم. (ج١: ص٢٢٤) : معنى قوله: "إذا قال الإمام ولا الضالين، فقولوا آمين" أي مع الإمام، حتى يقع تأمينكم وتأمينه معاً، فأما قوله: إذا أمن الإمام فأمنوا. فإنه لا يخالفه ولا يدل على أنهم يؤخرونه عن وقت تأمينه، وإنما هو كقول القائل: إذا رحل الأمير فارحلوا، يريد إذا أخذ الأمير في الرحيل فتهيئوا للإرتحال، ليكون رحيلكم مع رحيله، وبيان هذا في الحديث الآخر أن الإمام يقول آمين والملائكة تقول: آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه، فأحب أن يجتمع التأمينان في وقت واحد رجاء المغفرة. قال: وقد احتج بقوله: "إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا آمين" من ذهب إلى أنه لا يجهر بآمين، وقال ألا ترى أنه جعل وقت فراغ الإمام من قوله: "ولا الضالين" وقتاً لتأمين القوم فلو كان الإمام يقوله جهراً لا ستغنى بسماع قوله عن التحين له مراعاة وقته. قال: وهذا قد كان يجوز أن يستدل به لو لم يكن ذلك مذكوراً في حديث وائل بن حجر الذي تقدم ذكره، وإذا كان كذلك لم يكن فيما استدلوا به طائل، وقد يكون معناه: الأمر به والحض عليه إذا نسيه الإمام، يقول لا تغفلوه إذا أغفله الإمام ولا تتركوا إن نسيه، وأمنوا لأنفسكم لتحرزوا به الأجر- انتهى. وقال السندي: الأقرب أن أحد اللفظين من تصرفات الرواة وحينئذٍ فرواية: "إذا أمن" أشهر وأصح، فهي أشبه أن تكون هي الأصل، والله أعلم- انتهى. وقوله: "آمين" بالمد والتخفيف في جميع الروايات، وعن جميع القراء، وحكى الواحدي عن حمزة والكسائي الإمالة، وفيها لغات أخرى شاذة. وهي من أسماء الأفعال، وتفتح في الوصل؛ لأنها مبنية بالاتفاق، مثل كيف، ومعناه: اللهم استجب. عند الجمهور، وقيل: غير ذلك مما يرجع جميعه إلى هذا المعنى، مثل: ليكن كذلك، وأقبل، ولا تخيب رجاءنا، ولا يقدر على هذا غيرك. وقيل: هو اسم من أسماء الله تعالى. تنبيه: اعلم أنه استدل البخاري بقوله: "إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا: آمين" على الجهر بالتأمين للمأمومين، حيث ترجم عليه: "باب جهر المأموم