فإنه من وافق قوله قول الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه)) . هذا لفظ البخاري، ولمسلم نحوه. وفي أخرى للبخاري، قال:((إذا أمن القاري فأمنوا، فإن الملائكة تؤمن، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه)) .
ــ
بالتأمين" ووجه الأخذ منه على ما قال الزين بن المنير: إن في الحديث الأمر بقول آمين والقول إذا وقع به الخطاب مطلقاً حمل على الجهر، ومتى أريد به الإسرار وحديث النفس قيد بذلك. وقال ابن الرشيد: تؤخذ مناسبة الحديث للترجمة من جهات: منها أنه قال: "إذا قال الإمام فقولوا" فقابل القول بالقول، والإمام إنما قال ذلك جهراً، فكان الظاهر الاتفاق في الصفة. ومنها أنه قال: "فقولوا" ولم يقيده بجهر ولا غيره، وهو مطلق في سياق الإثبات، وقد عمل به في الجهر بدليل ما تقدم، يعني في مسألة الإمام، والمطلق إذا عمل به صورة لم يكن حجة في غيرها باتفاق. ومنها أنه تقدم أن المأموم مأمور بالإقتداء بالإمام، وقد تقدم أن الإمام يجهر فلزم جهره بجهره- انتهى. وتعقب بأنه يستلزم أن يجهر المأموم بالقراءة لأن الإمام جهر بها، لكن يمكن أن ينفصل عنه بأن الجهر بالقراءة خلف الإمام قد نهي عنه فبقى التأمين داخلاً تحت عموم الأمر بإتباع الإمام، ويتقوى ذلك بما تقدم عن عطاء: أن من خلف ابن الزبير كانوا يؤمنون جهراً، وروى البيهقي من وجه آخر عن عطاء، قال: أدركت مائتين من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا المسجد إذا قال الإمام:(. (ولا الضالين)) سمعت لهم رجة بآمين، كذا في الفتح. (هذا لفظ للبخاري) ، وأخرجه أيضاً بهذا اللفظ مالك وأبوداود والنسائي. (ولمسلم نحوه) بمعناه. (وفي أخرى للبخاري) في باب التأمين من كتاب الدعوات. (قال) أي النبي - صلى الله عليه وسلم -. (إذا أمن القارئ) قال الحافظ: المراد بالقارئ هنا الإمام إذا قرأ في الصلاة، ويحتمل أن يكون المراد بالقارئ أعم من ذلك- انتهى. قلت: الظاهر أن المراد به هو الإمام إذا قرأ في الصلاة؛ لأن الحديث واحد اختلفت ألفاظه من تصرف الرواة. قيل: الحديث يدل على أن الإمام هو القارئ دون المأموم. وأن المأموم إنما ينتظر فراغه من الفاتحة حتى يقول آمين. وتعقب: بأن الأصح الأشهر رواية: "إذا أمن الإمام، والرواية الأخرى من تصرف الراوي، فالأولى هي العمدة، وبأن إطلاق القارئ على الإمام إنما هو لأنه يجهر بالقراءة بخلاف المقتدي. لا لأن القراءة مختصة بالإمام، وهذا لا يقتضي في القراءة السرية عن المأموم، والمعنى: إذا أمن الإمام بعد الفراغ عن قراءة الفاتحة فأمنوا، وهذا هو معنى قوله:"إذا قال الإمام: (. (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)) فقولوا آمين"، ولم يقل أحد: إن هذا يدل على نفي القراءة عن المأموم وحصرها في الإمام، ويمكن أن تحمل هذه الرواية الأخرى على معنى: أن القارئ أي الإمام إذا مر بآية مشتملة على الدعاء بعد الفاتحة وأمن فقولوا آمين، فأطلق لفظ القارئ من حيث أنه ينفرد بقراءة ما فوق الفاتحة دون المقتدي. ورواية البخاري هذه أخرجها أيضاً النسائي وابن ماجه، وفي رواية لأبي داود وابن ماجه عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -