٨٣٢- (٥) وعن أبي موسى الأشعري، قال:((قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر فكبروا، وإذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا: آمين؛ يحبكم الله. فإذا كبر وركع، فكبروا واركعوا، فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فتلك بتلك)) .
ــ
إذا قال:(. (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)) قال آمين. حتى يسمع من يليه من الصف الأول. وزاد ابن ماجه: فيرتج بها المسجد. وأخرجه أيضاً ابن حبان في صحيحه.
٨٣٢- قوله:(إذا صليتم) أي أردتم الصلاة. (فأقيموا صفوفكم) أي عدلوها، وسووها، وتراصوا فيها بحيث لا يكون فيها اعوجاج ولا فرج. فالمراد بإقامة الصفوف تسويتها واعتدال القائمين فيها على خط مستقيم وسمت واحد، والتراص فيها، وتتميمها الأول فالأول، وسد الخلل الذي في الصف، وعدم الفرج. قال العيني: وهي أي تسوية الصف من سنة الصلاة عند أبي حنيفة والشافعي ومالك، وزعم ابن حزم أنه فرض، فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة، وإقامة الصلاة فرض، وما كان من الفرض فهو فرض. (ثم ليؤمكم أحدكم) فيه الأمر بالجماعة في المكتوبات، ولا خلاف في ذلك، ولا ينافي هذا ما صح عنه - صلى الله عليه وسلم -: يؤم القوم أقرأهم، الخ.؛ لأنه لبيان الأفضل، وذلك لبيان حصول أصل الجماعة، أو محمول على استواء الجميع في السن والفضيلة. (فإذا كبر فكبروا) فيه أمر المأموم بأن يكون تكبيرة عقب تكبير الإمام فلا يكبر قبل الإمام ولا معه بل بعده؛ لأن الفاء للتعقيب. (وإذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين) أي وقال: آمين. (فقولوا: آمين) أي مع تأمينه ليتوافق التأمينان معاً. واستدل بهذا الحديث بعض الحنفية على ترك الفاتحة خلف الإمام؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرهم بقراءتها والمقام مقام التعليم، وقال بعضهم: في قوله: "إذا قال: غير المغضوب عليهم" الخ. إشارة إلى السكوت والاستماع. قلت: قد أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بقراءة الفاتحة غير مرة فترك ههنا لظهور أمرها وشهرة شأنها، واعتماداً على ما أكد الأمر فيها فلم يكن حاجة إلى أن يذكرها كل مرة، كيف ولم يذكر ههنا دعاء الاستفتاح، والتعوذ، ووضع اليدين، وغير ذلك من السنن وبعض الواجبات، والمقام مقام التعليم، ومع ذلك اتفقوا على مشروعيتها لكونها ثابتة من أحاديث أخرى، فليكن هكذا أمر الفاتحة خلف الإمام، ولا عبرة بالإشارة والمفهوم في مقابلة النص الصريح والمنطوق. (يحبكم الله) بالجزم جواب الأمر، أي يستجب لكم، وهذا حث عظيم على التأمين فيتأكد الاهتمام به. (فإذا كبر وركع، فكبروا واركعوا، فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم) معناه: اجعلوا تكبيركم للركوع وركوعكم بعد تكبيره وركوعه، وكذلك رفعكم من الركوع يكون بعد رفعه. (فتلك بتلك) أي فتلك اللحظة التي تقدمكم إمامكم مجبورة بتلك اللحظة التي تأخرتم عنه. قال النووي: معناه أي تلك اللحظة التي سبقكم الإمام بها في تقدمه إلى الركوع ينجبر لكم بتأخركم في الركوع بعد رفعه لحظة،