للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحنفية بحديث جابر: من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة. أخرجه الطحاوي والدارقطني وغيرهما. والجواب عنه أن هذا الحديث بجميع طرقه ضعيف كما بينه شيخنا في أبكار المنن وتحقيق الكلام. قال الحافظ في الفتح: واستدل من أسقطها عن المأموم مطلقاً كالحنفية بحديث: من صلى خلف الإمام فقراءة الإمام له قراءة، لكنه ضعيف عند الحفاظ، وقد استوعب طرقه، وعلله الدارقطني وغيره- انتهى. وقال في التلخيص: حديث: "من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة" مشهور من حديث جابر، وله طرق عن جماعة من الصحابة وكلها معلولة- انتهى. وقال ابن كثير في تفسيره بعد ما ذكره عن مسند أحمد بن حنبل: في إسناد ضعف، ورواه مالك، عن وهب بن كيسان، عن جابر من كلامه، وقد روي هذا الحديث من طرق لا يصح شيء منها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انتهى. وقال البخاري في جزء القراءة: هذا الخبر لم يثبت عند أهل العلم من أهل الحجاز وأهل العراق وغيرهم لإرساله وانقطاعه- انتهى. ولو سلم أن هذا الحديث صحيح فقد أجيب عنه بوجوه كثيرة ذكرها شيخنا في: "تحقيق الكلام" من شاء الوقوف عليها رجع إليه. فمنها أن هذا الحديث معارض بقوله تعالى: {فاقرؤا ما تيسر من القرآن} ، فإنه بعمومه نص صريح في أن المقتدى لا بد له من قراءة حقيقية خلف الإمام، وهذا الحديث يدل على منع القراءة الحقيقية خلف الإمام على قول أكثرهم، أو يدل على أن المقتدي لا حاجة له أن يقرأ خلف الإمام قراءة حقيقية، بل قراءة إمامه تكفيه، فلا يجوز تركه بخبر الواحد، وأما قول العيني: جعل المقتدي قارئا بقراءة الإمام، فلا يلزم الترك، فمبني على عدم التدبر، فإنه ليس المراد بقوله: من كان له إمام، الخ. إلا أن قراءة الإمام تكفي المقتدى، ولا حاجة له إلى القراءة الحقيقية، فلو يقبل هذا الحديث ويعمل به يلزم الترك بلا شبه. ومنها ما قال البخاري في جزء القراءة: فلو ثبت الخبران كلاهما لكان هذا مستثنى من الأول لقوله: لا يقرأن إلا بأم الكتاب. وقوله: من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة، جملة، وقوله: "إلا بأم القرآن" مستثنى من الجملة كقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، ثم قال في أحاديث أخر: إلا المقبرة، وما استثناه من الأرض، والمستثنى خارج من الجملة، وكذلك فاتحة الكتاب خارج من قوله: من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة، مع انقطاعه- انتهى. ومنها أن هذا الحديث وارد فيما عدا الفاتحة، قال الشيخ عبد الحي اللكنوى في إمام الكلام (ص١٥٠) : قد يقال: إن مورد هذا الحديث هو قراءة رجل خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - {سبح اسم ربك الأعلى} [٨٧: ١] في الظهر أو العصر كما مر من طرق عن جابر، فهو شاهد لكونه وارداً فيما عدا الفاتحة- انتهى. والعبرة وإن كانت لعموم اللفظ لا لخصوص المورد لكن قد يحمل الحديث على خصوص مورده إذا حصل بذلك الجمع بين الأحاديث المتعارضة دفعاً للتعارض، فحديث جابر هذا يحمل على خصوص مورده أي ما عدا الفاتحة؛ لأنه يحصل بذلك الجمع بين الأحاديث ويندفع التعارض. وقال الزيلعي في نصب الراية: وحمل البيهقي هذا الأحاديث على ما عدا الفاتحة، واستدل بحديث عبادة أن

<<  <  ج: ص:  >  >>