للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الفجر ثم قال: لعلكم تقرأون خلف إمامكم، قلنا: نعم. قال: فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب. وأخرجه أبوداود بإسناد رجاله ثقات، وبهذا يجمع بين الأدلة المثبتة للقراءة والنافية- انتهى. ومنها ما قال الشيخ عبد الحي اللكنوي في إمام الكلام (ص٥٠) : إن هذا الحديث يعني حديث من كان له إمام، الخ. ليس بنص على ترك الفاتحة بل يحتملها ويحتمل قراءة ما عداها، وتلك الروايات يعني روايات عبادة وغيره في القراءة خلف الإمام تدل على وجوب قراءة الفاتحة أو استحسانها نصاً، فينبغي تقديمها عليه قطعاً-انتهى. وقال فيه أيضاً: حديث عبادة نص في قراءة الفاتحة خلف الإمام، وأحاديث النهي والترك لا تدل على تركها نصاً بل ظاهراً، وتقديم النص على الظاهر عند تعارضهما منصوص في كتب الأعلام- انتهى. وقال الحازمي في كتاب الاعتبار: الوجه الثالث والثلاثون أن يكون الحكم الذي تضمنه أحد الحديثين منطوقاً به، وما تضمنه الحديث الآخر يكون محتملاً، يعني فيقدم الأول على الثاني. ومنها: أن هذا الحديث منسوخ عند الحنفية فلا يصح الاستدلال به على منع القراءة خلف الإمام، وتقرير النسخ أن جابراً راوي هذا الحديث كان يقرأ خلف الإمام كما روي ابن ماجه بسند صحيح عنه، وكذلك روى هذا الحديث أبوهريرة، وأنس، وأبوسعيد، وابن عباس، وعلي، وعمران بن حصين - رضي الله عنهم، وكان كل من هؤلاء يقرأ الفاتحة خلف الإمام ويفتي بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقراءتها، بعضهم في جميع الصلوات، وبعضهم في السرية فقط. وقد تقرر عند الحنفية أن عمل الصحابي وفتواه على خلاف حديثه يدل على نسخه، فهذا الحديث عند الحنفية منسوخ، وإن شئت الاطلاع على الأجوبة الأخرى فعليك أن تطالع تحقيق الكلام. تنبيه: قال شيخنا في شرح الترمذي: أعلم أن الحنفية قد استدلوا على منع القراءة خلف الإمام ببعض آثار الصحابة - رضي الله تعالى عنهم -، كأثر زيد بن ثابت، قال: لا قراءة مع الإمام في شيء. رواه مسلم، وأخرج الطحاوي عن زيد، وجابر، وابن عمر، أنهم قالوا: لا يقرأ خلف الإمام في شيء من الصلوات. قلت: احتجاجهم بهذه الآثار ليس بشيء، فإن الأئمة الحنفية كالشيخ ابن الهمام وغيره قد صرحوا بأن قول الصحابي حجة ما لم ينفه شيء من السنة، وقد عرفت أن الأحاديث المرفوعة الصحيحة الصريحة دالة على وجوب القراءة خلف الإمام، فهي تنفي هذه الآثار فكيف يصح الاحتجاج بها. قال صاحب إمام الكلام: صرح ابن الهمام وغيره أن قول الصحابي حجة ما لم ينفح شيء من السنة، ومن المعلوم أن الأحاديث المرفوعة دالة على إجازة قراءة الفاتحة خلف الإمام، فكيف يؤخذ بالآثار وتترك السنة- انتهى. وأيضاً قد صرحوا بأن حجية آثار الصحابة إنما تكون مفيدة إذا لم يكن الأمر مختلفاً فيه بينهم كما في التوضيح، ونور الأنوار، والأمر فيما نحن فيه ليس كذلك، بل فيه إختلاف الصحابة، فكيف يصح احتجاجهم بهذه الآثار، فلا بد أن تحمل على قراءة السورة التي بعد الفاتحة، أو على الجهر بالقراءة مع الإمام؛ لئلا تخالف الأحاديث المرفوعة الصحيحة. قال النووي في شرح مسلم: والثاني أنه أي قول زيد بن ثابت محمول على قراءة السورة

<<  <  ج: ص:  >  >>