٨٣٤- (٧) وعن أبي قتادة، قال:((كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب،
ــ
التي بعد الفاتحة في الصلاة الجهرية، فإن المأموم لا يشرع له قراءتها، وهذا التأويل متعين ليحمل قوله على موافقة الأحاديث الصحيحة-انتهى. وقال البيهقي في كتاب القراءة: وهو أي قول زيد محمول عندنا الجهر بالقراءة مع الإمام، وما من أحد من الصحابة وغيرهم من التابعين قال في هذه المسألة قولاً يحتج به من لم ير القراءة خلف الإمام إلا وهو يحتمل أن يكون المراد به ترك الجهر بالقراءة-انتهى.
٨٣٤- قوله: (في الأوليين) بيائين وضم الهمزة، تثنية الأولى وكذا الأخريين. (بأم الكتاب) أي في كل ركعة منهما. (وسورتين) أي في كل ركعة سورة، ويدل على ذلك ما ثبت من حديث أبي قتادة في رواية للبخاري بلفظ: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة سورة. واستدل به على أن قراءة سورة أفضل من قراءة قدرها من طويلة، وكأنه مأخوذ من قوله: كان يفعل؛ لأنها تدل على الدوام أو الغالب. (وفي الركعتن الأخريين بأم الكتاب) ظاهره أنه لا يزيد على أم الكتاب في الأخريين، ويدل حديث أبي سعيد الآتي على أنه كان يقرأ في الأخريين من الظهر غيرها معها، ويزيده دلالة على ذلك ما وقع في رواية لمسلم من هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية، وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية، أو قال نصف ذلك. قال الأمير اليماني: ولعل حديث أبي قتادة أرجح من حديث أبي سعيد من حيث الرواية؛ لأنه اتفق عليه الشيخان، ومن حيث الدراية؛ لأنه إخبار مجزوم به، وخبر أبي سعيد انفرد به مسلم، ولأنه خبر عن حزر وتقدير وتظنن. ويحتمل أن يجمع بينهما بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصنع هذا تارة فيقرأ في الأخريين غير الفاتحة معها، ويقتصر فيهما أحياناً فتكون الزيادة عليها فيهما سنة تفعل أحياناً وتترك أحياناً-انتهى. قلت: الجمع بينهما عندي أولى من الترجيح، فالظاهر أنه يجوز الزيادة على الفاتحة في الأخريين من غير كراهة، ويؤيده ما رواه مالك في المؤطا عن أبي عبد الله الصنابحي: أنه سمع أبى بكر يقرأ في الثالثة في المغرب: {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا}[٣: ٨] الآية. وحمل الباجي وابن قدامة فعل أبي بكر هذا على أنه كان على معنى الدعاء لا على معنى أنه قرن قراءته على حسب ما تقرن بها السورة. وفيه: أن هذا الحمل يحتاج إلى دليل، وهو مفقود فلا يصغى إليه، ويؤيد أيضاً ما تقدم من كون الزيادة على الفاتحة في غير الأوليين جائزة من غير كراهة بل سنة ما رواه مالك أيضاً عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يقرأ في الأربع جميعاً، في كل ركعة بأم القرآن وسورة من القرآن. والظاهر أن الصلاة كانت فريضة لما في رواية محمد في هذا الأثر في الأربع جميعاً من الظهر والعصر. قال النووي: استحسن الشافعي قراءة السورة مع الفاتحة في الأخريين في الجديد دون القديم، والقديم هنا أصح، وهو مذهب مالك. قلت: وهو قول