للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو يزرع زرعاً فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة، إلا كانت له صدقة)) . متفق عليه.

ــ

مصدر وبمعنى المغروس (أو يزرع) أو للتنويع لأن الزرع غير الغرس (زرعاً) نصبه، كذا نصب غرساً على المصدرية، أو على المفعولية (فيأكل منه) أي مما ذكر من المغروس أو المزروع (إنسان) ولو بالتعدي (أو طير أو بهيمة) أي ولو بإختياره (إلا كانت له صدقة) قال الطيبي: الرواية برفع الصدقة على أن كانت تامة - انتهى. قال القاري: وفي نسخة بالنصب على أن الضمير راجع إلى المأكول وأنث لتأنيث الخبر- انتهى. ولفظ الصحيحين: إلا كان له به صدقة. قال القسطلاني: بالرفع اسم كان وفي الحديث فضل الغرس والزرع والحض على عمارة الأرض ويستنبط منه اتخاذ الضيعة والقيام عليها، ويحمل ما ورد من التنفير عن ذلك على ما إذا شغل عن أمر الدين، ويحمل حديث الباب على اتخاذها للكفاف أو نفع المسلمين بها، وتحصيل ثوابها، وفي رواية لمسلم إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة. ومقتضاه إن أجر ذلك يستمر ما دام الغرس أو الزرع مأكولاً منه، ولو مات زارعه أو غارسه ولو انتقل ملكه إلى غيره. وظاهر الحديث إن الأجر يحصل لمتعاطي الزرع أو الغرس، ولو كان ملكه لغيره. لأنه أضاف إلى أم مبشر كما في رواية مسلم ثم سألها عمن غرسه. قال الطيبي: نكر مسلماً وأوقعه في سياق النفي، وزاد من الاستغراقية وعم الحيوان ليدل على سبيل الكناية على أن أي مسلم كان حراً أو عبداً، مطيعاً، أو عاصياً يعمل أي عمل من المباح ينتفع بما عمله أي حيوان كان يرجع نفعه إليه ويثاب عليه وفيه جواز نسبة الزرع إلى الآدمي وما ورد في المنع منه حديث غير قوى أخرجه ابن أبي حاتم من حديث أبي هريرة مرفوعاً، لا يقل أحدكم زرعت، ولكن ليقل حرثت ألم تسمع لقول الله تعالى: {أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون} [الواقعة: ٦٤] ورجاله ثقات إلا أن مسلم بن أبي مسلم الجرمي. قال فيه ابن حبان: ربما أخطأ وروى عبد بن حميد من طريق أبي عبد الرحمن السلمي بمثله من قوله غير مرفوع كذا في الفتح واستدل به على أن الزراعة أفضل المكاسب وقال به كثيرون وقيل: الكسب باليد. وقيل: التجارة. وقد يقال كسب اليد أفضل من حيث الحل والزرع من حيث عموم الانتفاع، وحينئذٍ فينبغي أن يختلف ذلك باختلاف الحال فحيث أحتيج إلى الأقوات أكثر تكون الزراعة أفضل للتوسعة على الناس، وحيث احتيج إلى المتجر لانقطاع الطرق تكون التجارة أفضل، وحيث أحتيج إلى الصنائع تكون أفضل قاله القسطلاني (متفق عليه) أخرجه البخاري في المزارعة وفي الأدب، ومسلم في المزارعة. وأخرجه أيضاً أحمد، والترمذي في الأحكام. وفي الباب أحاديث أخرة عن جماعة من الصحابة ذكرها المنذري، في باب الترغيب في الزرع وغرس الأشجار للثمرة، والهيثمي في أواخر الزكاة، وفي أوائل البيوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>